تشكل قضية أزواد " قضية الطوارق " المحظور السياسي الأول في الجزائر بل تكاد أكثر حظرا من قضية الجبهة الإسلامية للإنقاذ والحديث فيها شبه محرم فلا يستطيع صحفي جزائري وصف قضية الطوارق بأنها عادلة بل كل تطرق لها يعد مساس بالأمن القومي الجزائري .
ومنذ تأسيس المؤتمر الوطني لتحرير أزواد الذي أسس خصيصا ليكون الجناح السياسي والإعلامي للقضية الأزوادية " الطوارق " المحظور السياسي في الجزائر أصطدم هذا المؤتمر برفض جزائري قوي لأسباب منها
1- أن الجزائر لا ترغب في ظهور تنظيم سياسي يبرز قضية الطوارق التي تريد الجزائر دفنها
2- جعل المؤتمر الوطني لتحرير أزواد من البعد الأمازيغي لقضية الطوارق العمود الفقري لاستراتيجيته إقليميا وهو ما منحها دعما شعبيا في طول المغرب الأمازيغي وعرضه
3- قام المؤتمر بتدويل قضية الطوارق وخلق لها حلفاء في القارات الخمس بعدما كانت الجزائر تريد لهذا الشعب أن يكون مجهول حتى من طرف الشعب الجزائري الأقرب جغرافيا له ناهيك عن أن يصبح يصدر بيانات مع الأكراد وخاصة مركز حلبجة لمناهضة إبادة الشعب الكردي وأنفلة ودفع قضية أزواد على بساط الناخب الأمركي بدعم من اللوبي الإسرائيلي وكل ذلك في منذ 14/06/2006 أقل من عام حتى صارت مالي في أمريكا دولة معادية للسامية
4- صارت قضية الطوارق أشهر من نار على علم ونفض الغبار عن دفن الأنظمة العربية لها وصارت تطرح في المنتديات السياسية
في المقابل منذ 30 سنة تدعم الجزائر قضية البولساريو القضية الصحراوية وهي التي يعتبرها المغرب المحرم السياسي الأول بل ويمنع على مغربي الإقتراب من شخص متعاطف مع مطالب البولساريو الانفصالية.
وداخل الساحة الأزوادية تأسس المؤتمر الوطني لتحرير أزواد في نفس الفترة الزمنية تأسست فيه منسقية عرب مالي التي كانت تتبنى خطا موالي للحكومة المالية ضد الطوارق وكانت تحاول جر العرب الأزواديين لمواجهة مع الطوارق مرة بالتحالف مع مالي وأخرى بالتحالف مع الجماعة السلفية.
وقد التزم المغرب في التسعينات الصمت حيال قضية الطوارق بسبب دعم البولساريو للجبهة العربية الإسلامية لتحرير أزواد لأنه يرى أن عرب أزواد يؤيدون البولساريو مثلما أن قبائل الطوارق في تمبكتو ترتبط بروابط البيعة مع ملوك المغرب الأشراف وهو ما جعلهم مقربين من الرباط وكان أمير طوارق تمبكتو الأمير محمد علي الأنصاري لاجئا في الرباط وفيها توفي عام 1994 .
وكانت وسائل الإعلام المغربية الرسمية والعروبية الحزبية تتجاهل قضية الطوارق بينما كانت الصحافة الأمازيغية تجاهر بدعمها للطوارق لأنهم أمازيغ أولا ولأنهم يساندون المغرب وبعيدين عن البولساريو.
وبالنظر للتركيبة القبيلة للمجتمع الأزوادي نجد هناك حقائق لا يمكن تجاوزها وهي ارتباط طوارق تمبكتو بالمغرب وولائهم للعرش المغربي من جهة وارتباط عرب أزواد بالرقيبات وجبهة البولساريو من جهة أخرى حتى أن كثير من عرب مالي منح الجنسية المغربية بوصفه صحراوي عائد لوطنه المغرب أو جندي هارب من البولساريو، وارتباط طوارق كيدال بالجزائر وتأثيرها على بعض القيادات مثل إياد مهندس الاتفاقيات السابقة والحالية .
من هنا يكون من الصعب على أي قيادي أزوادي مهما كان القفز فوق هذا الأمر الواقع يمكن لقيادي طوارقي أن ينتقد موقف الجزائر المؤيد لمالي لكنه لن يصل إلى حد قطع شعرة معاوية مع الجزائر لأن هناك قوى داخل الحكم الجزائري ومنها قصر المورادية "عبد العزيز بوتفليقة " الذي يخوض صراعا مع الجنرلات الذين حولوا الجزائر إلى مملكة خاصة بهم مثل دولة خليجية وقد بدأ يحجم دور العسكر تدريجيا فأعلن الوئام المدني ولإنجاح المصالحة الوطنية استعان بفرنسا لإقالة الجنرال محمد ألعماري الملك الفعلي لمملكة الجنرلات الجزائرية.
وبعدما فرض كلمته في الوئام المدني يرى أن استعادة الجزائر إشعاعها لا يتم إلا بإحداث توازن في القضيتين الطوارقية والصحراوية فهو يريد للجزائر دورا إفريقيا يوازي دور معمر القذافي مؤسس الاتحاد الإفريقي كما يريد مكانة للجزائر في الغرب توازي المغرب بسبب الثروات النفطية للجزائر ودور في الساحة العربية قريب من الدور المصري أو السعودي أو الأردني زعيم معتدل في نظر الغرب .
ولحسم الصراع داخل الجزائر لصالح بوتفليقة ضد الجنرلات يجب وضع العسكر في الزاوية وإقناعهم بأن النفاق المتمثل في دفن الطوارق ورفع البولساريو يفقد الجزائر كل أمل في لعب أي دور محور إقليمي أو دولي.
وفي المقابل يرى المغرب في قضية الطوارق فرصته لدق إسفين داخل الحلف الليبي – الجزائري المؤيد لبولساريو ولا يمانع المغرب في أي تقارب بين الطوارق والبولسايو لأن ذلك قد يبعد القذافي عن البولساريو فالورقة الطوارقية أكثر أهمية لدى ليبيا من البولساريو، كما يرى المغرب في ذلك فرصة ذهبية له لكي يظهر أنه نصير للقضايا العادلة فقد صورة الجزائر المغرب على أنه عدو لكل حركات التحرر في العالم نتيجة عقدته من البولساريو ولا يرغب المغرب في أن يحشر حلفائها من الطوارق في تمبكتو بين محور كيدالي موقع على الاتفاقيات مقرب من الجزائر ومحور عربي مدعوم من البولساريو لذلك يرى المغرب أن في غضه الطرف عن أي تقارب طوارقي - بولساري ضمان لدوره فالمهم عنده إضعاف العسكر في الجزائر أصحاب المواقف المتحجرة حيال قضية الصحراء وإبعاد القذافي عن البولساريو.
كما أن الدول الغربية وخاصة واشنطن حددت موقفها من هذه القضايا جميعا دولة للطوارق حليفة لإسرائيل وحكم ذاتي للصحراء في إطار المغرب وعندها تنتهي قضية الصحراء دون أن يكون أي من طرفيها غاضب من الطوارق فالمغرب راضى عن الموقفهم الحيادي للطوارق والبولساريو متفهمة لتحالفهم مع المغرب لأن الجزائر وقفت ضدهم.
إن أي رئيس مستقبلي لأزواد سيكون في وضع مشابه لملك الأردن المحاط بالعراق شرقا وسوريا شمالا وإسرائيل غربا فعندما تغضب عليه سوريا يتحالف مع العراق وعندما ينهار العراق ينخرط في عملية السلام مع إسرائيل ليحمي نفسه من التدخل السوري في شؤونه أو دعمها لمعارضيه وبالتالي لا يستطيع قيادي طوارق أن يعادي البولساريو فيدخل في مواجهات مع عرب أزواد ولا يستطيع أن يعادي المغرب فيخسر دعم طوارق تمبكتو لذلك الحياد التام الايجابي هو الخيار المتاح لأي زعيم طوارقي في الملف الصحراوي وهو ما تتفهمه الرباط ولا تشترط على أي قيادي طوارقي تجريح أو استصغار البولساريو لنيل ثقتها فالمثل الطارقي يقول " يمكنك أن تشبع دون أن تختنق " يمكنك أن تكون حليفا للمغرب دون أن تدخل مواجهة مع عرب أزواد المتحالفين مع البولساريو.
jeudi 31 juillet 2008
قضيتي الطوارق والصحراء الغربية وفن الحديث بالمحظور السياسي
Publié par منظمة شباب الطوارق من اجل العدالة والتنمية
Libellés : ابوبكر الانصارى