samedi 23 août 2008

le mariage chez les touaregعادات الطوارق في الزواج والدخله

تبدا قصة الزواج _كماهوالحال في أي مجتمع إنساني_بأن يعجب شاب بفتاة...
فيقوم هذاالشاب باختيارمجموعه من الاهل والاصدقاءليرافقوه وينزلوابالقرب من خيمة
أهل الفتاة ثم يرسل الشاب مجموعه من الشباب للالتقاءبوالدالفتاةلخطبتها
وإذاوافق الأب قام بتحديدالمهر...
فيرجع الشباب إلى العريس وإذاوافق على المهرقام بتعين وكيل عنه من أقرب المقربين
إليه فيحمل المهرإلى حيث عقدالنكاح

والمهرعندالنبلاءسبعة من الإبل وعندالعبيدرأسان من الماعزفي السنين السابقه
وتقتضي العاده عند الطوارق ألايدخل العريس على عروسه إلابعدأن يدفع المهر
كاملاأوماتبقى منه

إضافة إلى هدية أم العريس المسماه "تاغست"وهي عباره عن ثورأوجمل وعند
تقديم الهديه تتجهزالنساءويضربن بالدفوف ويطالبن بهديتهن فيدفع اهل العريس
بمجموعه من الثيران وتقطع عراقيبهابالسيوف وتنحرجميعهاأمام النسوه!!!

ويستمرالحفل 3أيام ،وبعدأن يأتي العريس ببقية أغراض الزواج (السكرالشاي الأخضر
والأحذيه ....)يستمرالحفل 3أيام أخرى توزع الهداياعلى أهل الحي بالتساوي ...

وتأتي ليلة الدخله التي يعتبرخلالهاالعريس عروسه بمثابة والدته !!وفي الليله الثانيه
بمثابة أخته !!وفي الثالثه تكون زوجته..ويبررون ذلك ب ضرورة طمأنتهاونيلودها
لرحلة العمر كلها.

ومن ثم يستلم العريس عروسه وينصرف الجميع وفي الصباح يأتي أصدقاءالعريس
بشحم سنام الناقه ...وإذاكانت العروس بكرالايأكلون منه إنمايعطرونه ويجعلون منه
أشكالاجميله ثم يرجعونه للنساءفتتعالى أصوات الزغاريدلكون العروس بكرا
أماإن كانت غيربكرفيأكلونه ويعرف أهل العروس أن ابنتهم ليست بكراويعدونه عارا!
وبعدليلة الدخله تستمرالاحتفالات أسبوعاكاملا تخرج فيهاالعروس مع صويحبتهابينمايبقى العريس
في الخيمه لايقابل والده ولاوالدته ولاأحدامن معارفه!!!

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

vendredi 22 août 2008

قضية الصحراء المغربية ومفهوم الحكم الذات


دخلت قضية الصحراء المغربية ضمن لائحة المشاكل العويصة والمعقدة التي تواجه الأمم المتحدة، فقد عرف مخطط التسوية الأممي عدة تأجيلات فيما يخص تنظيم الاستفتاء فرضها البطء في عملية تحديد الهوية والناتج عن مجموعة من العراقيل حتى أن نسبة تحقيق خيار الأمين العام المتعلق بانسحاب البعثة الأممية تزداد يوما بعد يوم. وقد أدرك جميع المتتبعين أن إجراء الاستفتاء لحل مشكل الصحراء الذي تجاوز ربع قرن، ويعد من النزاعات القليلة التي بقيت عالقة منذ الحرب الباردة، لم يعد فقط من الصعوبة بمكان، بل أصبح مستحيلا وهذا ما استوعبته الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية. ورغبة منه في إنهاء هذا المشكل وإيجاد حل دائم ونهائي يراعي سيادته ووحدة أراضيه وخصوصيات المنطقة وفقا لمبادىء الديموقراطية واللامركزية التي يرغب في تطويرها، أعرب المغرب عن تأييده لمشروع اتفاق الإطار بشأن وضع الصحراء المغربية الذي يتصور تفويضا للسلطة إلى سكان الإقليم، باعتباره حلا سياسيا توافقيا وعادلا لمشكل الصحراء. وقد حدد المغرب موقفه في ضوء معنى الحل السياسي الذي يقدم دائما على أنه حل وسط يتمثل في الحكم الذاتي ضمن إطار السيادة المغربية، وبالتالي ينتظر أن يسير السكان شؤونهم المحلية الخاصة مع الضمانات الكافية وبدون إخلال بالإمتيازات السيادية للمملكة المغربية وسيادتها الإقليمية. إن الحل السياسي التوافقي العادل والنهائي لنزاع الصحراء يقوم على قاعدة لا غالب ولا مغلوب وأن المنتصر لا يأخذ كل شيء وأن الخاسر لا يخسر كل شيء.وأهمية هذا الحل تتجلى فيما يلي: • أن هذا الحل يشكل إمكانية واقعية جادة لتفويض اختصاصات لكل سكان المنطقة في الإطار الضروري للسيادة والوحدة الترابية للمغرب . • من شأن هذا الحل تجنيب تحول المنطقة إلى فضاء للتوتر وتأهيلها ليس فقط لتحقيق اندماج الإتحاد المغاربي، وإنما أيضا تمكين هذا الإتحاد من النهوض بدوره على الوجه الأكمل في محيطه المتوسطي، وعلاقاته مع دول الساحل الإفريقي لتحصين منطقة الشمال الإفريقي برمتها من مخاطر البلقنة والإرهاب الدولي. • أن هذا الحل هو السبيل الوحيد الذي يسمح بالخروج من النفق الذي وضعته جملة من الأخطاء التاريخية التي استغلتها الجزائر لدعم النزعة الانفصالية التي تشخصت في حركة البوليساريو، كما يبدو هذا الحل هو بمثابة إنقاذ للأطراف التي خندقت نفسها في نفق لا مخرج منه سوى باللجوء إلى تطبيق حل آخر بعيد كل البعد عن الأطروحة الإنفصالية، إنه الحل الذي يصون الحقوق الثابتة ويحفظ الخصوصيات ويفتح آفاقا رحبة للبناء الاقتصادي والتقدم الاجتماعي والتساكن المبني على التضامن الوطني. إن الحكم الذاتي المتفق عليه بين الطرفان والأمم المتحدة من شأنه أن ينهي مسألة تحديد المصير ويعزز الاستقرار الإقليمي لدول المنطقة،فما هو المقصود بالحكم الذاتي؟ و ماهي أصوله النظرية؟ وهل الحكم الذاتي يبقى قاصرا على منطقة الصحراء؟ أم أن الجهوية هي السبيل الأقوم لإنهاء هذا النزاع الذي طال أمده؟هذه بعض الأسئلة التي سنحاول الإجابة عنها ضمن هذه الدراسة. أولا: الأصول النظرية لمفهوم الحكم الذاتي: يعتبر الحكم الذاتي ذو تاريخ طويل في الفكر الإنساني والفلسفي والقانوني، هذا الأمر أكسبه شيئا من الغموض والتعقيد نتيجة للمعاني والأدوار التاريخية التي مر بها، وللازدواج في مدلولها بين الجانب السياسي والجانب القانوني. إن مفهوم الحكم الذاتي يثير الخلاف ويستعصي بشأنه الاتفاق، فهو غامض ومتشعب ويتضمن قدرا كبيرا من المرونة، تقترب أحيانا من الإدارة والقانون،أي يمكن أن يكون حكما ذاتيا إداريا باعتباره أحد أشكال اللامركزية الإدارية، ويقترب أحيانا أخرى من السياسة،وفي بعض التطبيقات قد يجمع بين الطابع الإداري والقانوني والطابع السياسي في آن واحد. 1- مفهوم الحكم الذاتي في القانون الدولي العام: يمكن القول أن الحكم الذاتي في إطار القانون الدولي العام يعني"صيغة قانونية لمفهوم سياسي يتضمن منح نوع من الاستقلال الذاتي للأقاليم المستعمرة لأنها أصبحت من الوجهتين السياسية والاقتصادية جديرة بأن تقف وحدها مع ممارسة الدولة المستعمرة السيادة عليها، وقد يطلق عليه أيضا الحكم الذاتي الدوليInternational Autonomie وهو ينشأ بواسطة وثيقة دولية، سواء كانت معاهدة دولية تعقد بين دولتين بشأن إقليم خاضع لسيطرتها، أوعن طريق اتفاقيات تبرمها منظمة الأمم المتحدة ومن قبلها عصبة الأمم مع الدول الأعضاء القامة بإدارة الأقاليم الخاضعة لها، فإن هناك علاقات توصف من الوجهة القانونية بأنها دولية، وتخضع لقواعد القانون الدولي العام،فهو نموذج للعلاقات الدولية. وقد بدأ مفهوم الحكم الذاتي في البروز عندما هجرت الدول الاستعمارية سياسة نظام المركزية في إدارة شؤون مستعمراتها، ولجأت إلى تطبيق الحكم الذاتي بهدف تحويل رابطة الاستعمار بينها وبين مستعمراتها إلى علاقة اشتراك ، بمعنى آخر بقاء المستعمرات في حالة تبعية، ولكن في إطار جديد هو الحكم الذاتي. * الحكم الذاتي في المواثيق الدولية: انتقل الحكم الذاتي من نطاقه الضيق باعتباره مسألة داخلية تنظم عن طريق قانون صادر من الهيئة التشريعية للدولة الاستعمارية،إلى نطاق القانون الدولي العام، فأصبح مسؤولية من مسؤوليات المجتمع الدولي، ممثلا في الدول الاستعمارية القائمة على إدارة هذه الأقاليم، وفي المنظمات الدولية(عصبة الأمم- الأمم المتحدة) التي تتلقى التقارير السنوية عن أوضاع هذه الأقاليم وراقب مدى تطورها وتقدمها نحو الإستقلال، وبهذا التطور خرج الحكم الذاتي في ظل السياسة الدولية من كونه علاقة تنشأ بين الدول المستعمرة والأقاليم المستعمرة إلى نطاق الشرعية الدولية، وترتب على ذلك اعتبار كل انتهاك للمبادىء والقواعد التي تقررت بشأن هذا المفهوم، انتهاكا للميثاق نفسه، وأي مخالفات للالتزامات المحددة التي يفرضها الميثاق على الدول الاستعمارية التي تدير الأقاليم المستعمرة مخالفة لأحكامه تستتبع تطبيق ما يرتبه من جزاءات وفق قواعد القانون الدولي العام. هذا وقد ارتبط الحكم الذاتي في القانون الدولي العام بالعديد من المفاهيم والمبادئ السامية أبرزها حق تقرير المصير والاستقلال الوطني، غير أنه استخدم في الواقع كفكرة سياسية وصيغة للحكم لا لصالح الشعوب المستضعفة التي تقرر من أجلها الحكم الذاتي، بل استخدم كوسيلة لتحديد العلاقة بينها وبين مستعمراتها. وقد جرى تضمين مفهوم الحكم الذاتي في ميثاق منظمة حلف شمال الأطلسي في 14 غشت 1941 تحت مسمىself governement ،أي الحكومة الذاتية، وأشارت إليه الوثائق الأولى للأمم المتحدة، وهو إعلان الأول من يناير1942 ،وكذلك في المسودة التي قامت بإعدادها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية في عام 1943 ، والخاصة بالأقاليم غير المحكومة ذاتيا وأيضا مسودة دستور وميثاق الأمم المتحدة التي أعدتها الولايات المتحدة الأمريكية في يوليوز 1943. وفي الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة وفي المادتين 73 و76 أشير إلى مفهوم الحكم الذاتي، والتزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الذين يضطلعون بإدارة أقاليم لم تنل شعوبها قسطا من الحكم الذاتي الكامل بمراعاة العمل على تنمية هذه الأقاليم، وشمل هذا الالتزام جانبين:أولهما، كفالة تقدم هذه الشعوب، و ثانيهما إنماء الحكم الذاتي. غير أن الدول الكبرى، آنذاك أصرت على ضرورة أن يكون الحكم الذاتي، وليس الإستقلال هدف هذه الشعوب والأقاليم التابعة والمستعمرة، سواء أكان في مناقشات مؤتمر سان فرانسيسكو،أو في مناقشات اللجان الفرعية فيما بعد، على الرغم من اعتراض بعض ممثلي الدول على عبارة "الحكم الذاتي" إذ كانوا يرون فيها ذريعة لتهرب الدول المستعمرة من منح الاستقلال السياسي الكامل للبلدان المستعمرة، وفي مقابل ذلك رأوا ضرورة النص على الاستقلال السياسي الكامل، كهدف للدول التي لم تكن تمتع بالاستقلال آنذاك. وهكذا قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتشكيل لجنة في عام 1946 عرفت فيما بعد بلجنة الإعلام عن الأقاليم غير المحكومة ذاتياnon-self governing territories وشغل تعريف هذه الأقاليم حيزا كبيرا من المناقشات، وذلك في ضوء المادتين73 و76 من الميثاق وشارك في هذه المناقشات دول عديدة،في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا ومصر، والهند والفلبين وغيرها. وأفضت هذه المناقشات إلى تبني عدد من المعايير العامة التي لا بد من توافرها في الإقليم، حتى يمكن انطباق صفة الحكم الذاتي عليه وهي:1 – ضرورة وفر سلطة تشريعية في الإقليم تولى سن القوانين، ويتم انتخاب الأعضاء بحرية، في إطار عملية ديموقراطية أو أن تشكل بطريقة تتوافق مع القانون، وتجعلها موضع اتفاق السكان.2-سلطة تنفيذية يتم اختيار الأعضاء في جهاز له هذه الصلاحية ويحظى بموافقة الشعب.3-سلطة قضائية يناط بها تطبيق القانون واختيار القضاة والمحاكم،كما تضمنت هذه المعايير ضرورة التحقق من مشاركة السكان في اختيار حكومة الإقليم من دون أية ضغوط خارجية مباشرة،أو غير مباشرة، من طريق أقليات محلية مرتبطة بقوى خارج الإقليم، تريد فرض إرادتها على الأغلبية، وبالمثل توفر درجة من الاستقلال الذاتي على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، والتحرر من الضغوط الخارجية، وتحقيق المساواة بين مواطني الإقليم في التشريعات الاجتماعية وغيرها. إن الإعلان الخاص بالأقاليم التي لا تتمتع بالحكم الذاتي اعتبر بمثابة إعلان حقوق لشعوب المستعمرات، ورغم أن هذا الإعلان لم يحدد موقفا واضحا وقاطعا من المسألة الاستعمارية، ولم ينص صراحة على حق شعوب المستعمرات في الاستقلال أو الحكم الذاتي فإن إدراجه في الميثاق شكل نقطة الانطلاق الرئيسية لعمل منهجي ومنظم قامت به الدول المناهضة للاستعمار في الجمعية العامة للقضاء على الظاهرة الاستعمارية تماما. 2- مفهوم الحكم الذاتي في القانون العام الداخلي : قام مشرعو القانون الداخلي في الدول التي أسهمت ظروفها التاريخية والاجتماعية والسياسية في وجود قوميات أو جماعات متباينة، بمحاولات للتخفيف من الطابع الاستعماري لمفهوم الحكم الذاتي، وذلك بتصويره فكرة مستمدة من مبدأ حق تقرير المصير القومي، وقاموا بتنظيمها في إطار قانوني ليكون أساسا لحل المسألة القومية ومشكلة عدم التكامل، ومن خلال ذلك ظهرت تطبيقات عديدة ومتباينة في كل من إيطاليا وإسبانيا والصين والعراق. كما أن أكثر الحركات القومية والتنظيمات السياسية في الدول متعددة القوميات اقتنعت بأن الحكم الذاتي يمثل أحد أشكال التعبير السياسي القومي التي يمكن بواسطتها تنمية التراث الحضاري والثقافي، وقيام الجماعات القومية بإدارة شؤونها الداخلية في إقليمها القومي، وانطلاقا من هذا التصور للحكم الذاتي، اتجهت هذه المجموعات إلى تبني هذا النظام دون رفع شعار الطالبة بالانفصال والاستقلال التام، حفاظا على وحدة الوطن وصيانة الوحدة الوطنية، ولقد ساعدت هذه الظواهر الجديدة على التخفيف من الآثار الاستعمارية التي علقت به في ظل السياسة الدولية، إذ اتجهت معظم الدول التي تعاني من الصراع الداخلي وعدم التكامل الوطني إلى النص صراحة على الحكم الذاتي في صلب دساتيرها. ويقصد بالحكم الذاتي الداخلي Autonomie interne نظام قانوني وسياسي يرتكز على قواعد القانون الدستوري، وبتعبير آخر هو نظام لا مركزي مبني على أساس الاعتراف لإقليم مميز قوميا أو عرقيا داخل الدولة بالاستقلال في إدارة شؤونه تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية، ولهذا فهو في نطاق القانون الداخلي أسلوب للحكم والإدارة في إطار الوحدة القانونية والسياسية للدولة. إن الحكم الذاتي الداخلي هو نظام خاص تلجأ إليه السلطة السياسية في الدول التي لها مشاكل التعدد القومي والعرقي، فهو نظام لا يرتقي إلى درجة الفدرالية ولا يهبط إلى مستوى اللامركزية الإقليمية، فهو صيغة للحكم والإدارة. ومن أهم الأسباب التي تدعو الدولة إلى الأخذ بنظام الحكم الذاتي الداخلي، هو وجود مخاطر وتهديدات مستمرة على حدودها الدولية،إذ يساير الفقهاء نفس الاتجاه وذلك حينما يؤكدون أن أساس الفكرة التي تدفع دولة معينة إلى الأخذ بنظام الحكم الذاتي يهف إلى درجة التوفيق بين الميول الوحدوية والتيارات الاستقلالية داخل الجماعات القومية والعرقية صاحبة الشأن. وعلى صعيد آخر نجد الاستقلال الذاتي الثقافي، cultural autonomy والاستقلال الذاتي الديني religious autonomy وكل منهما يمثل بعدا من تطبيقات الحكم الذاتي الداخلي، كما هو واضح من المعنى المباشر، فالأول ينصرف إلى تعليم اللغة الخاصة بالإقليم، وتطوير ثقافته، والثاني يكفل لجماعة معينة، في منطقة ما مباشرة حريات المعتقد والممارسة الدينية، وهكذا فهذه المفاهيم، وإن كانت مستويات في تحديد مضمونه،فهي في الوقت عينه تختلف وتفترق عنه، طبقا لطبيعة المشكلات القائمة والتي ينبغي معالجتها. من ناحية أخرى هناك بعض المفاهيم التي تختلف كثيرا عن مفهوم الحكم الذاتي، بل إن مضامينها تتعارض معه، كمفاهيم السيادة والاستقلال وحق تقرير المصير، فمن ناحية يعتبر مفهوم الحكم الذاتي نسبيا، أي ترد عليه قيود، ويحدد له سقف قانوني وسياسي من قبل السلطة صاحبة السيادة (الدولة) عندما يتعلق الأمر بإقليم، أو منطقة تريد الحصول على إدارة شؤونها بنفسها، بينما سيادة الدولة مطلقة، ومن ناحية أخرى، فإن مفهوم الحكم الذاتي لا يشمل تلك الصلاحيات الكاملة التي يشملها مفهوما الاستقلال والسيادة، وكلاهما يرتبطان بالدولة التي تمتلك القدرة على التنظيم الذاتي كجهاز سيطرة وردع بينما لا تمتلك الوحدة الإقليمية المتمتعة بالحكم الذاتي قدرة على الاستقلال. مشكلات الحكم الذاتي في التطبيق: *مشكلة الشخصية الدولية: إن الدولة كوحدة للقانون الدولي تتمتع بالشخصية الدولية، مع مراعاة ما يرافق ذلك من حقوق والتزامات، فهي تتمتع بالسيادة على إقليمها، وتشارك في الأنشطة التي تهم الجماعة الدولية ككل، ولها الحق في تقرير سياستها الخارجية. غير أن مختلف تطبيقات الحكم الذاتي سواء كان داخليا أم خارجيا، لم تتمتع الأقاليم الخاضعة له بالشخصية الدولية، فمثلا تونس في الإطار الاستعماري و بورتوريكو وغرينلاند ، لم تحظ، طبقا للحكم الذاتي، الممنوح لها، بحق تقرير الشؤون الخارجية والدفاع.فبورتوريكو ترتبط بالولايات المتحدة الأمريكية باتحاد حر، وتقوم هذه الأخيرة بتقرير شؤون الدفاع والخارجية. وفي غرينلاند تقوم حكومة الدانمرك بتقرير سياستها الخارجية، مع استشارة غرينلاند عندما يتعلق الأمر بقضايا تخصها كالعلاقة مع دول الإتحاد الأوربي، أما تونس، فكانت فرنسا هي التي تتولى إدارة شؤونها الخارجية وتمثيلها على المستوى الدولي، أما اسبانيا، فلا يختلف الأمر،إذ تتمتع المناطق المحكومة ذاتيا بصلاحيات تشريعية وتنفيذية محدودة بنطاق الإقليم، بينما احتفظت السلطة المركزية في مدريد بتقرير السياسة الخارجية،، وشؤون الدفاع والأمن والخارجية، وتقرير السياسات المالية العامة والأنظمة المصرفية المعمول بها في البلاد، وكذلك عقد المعاهدات، سواء كانت اقتصادية أو عسكرية أو سياسية. والنتيجة المترتبة على ذلك، أن وحدات الحكم الذاتي، سواء كانت في الإطار الداخلي أو الدولي، وسواء تعلق الأمر بالأقاليم أو الجماعات القومية، لا تحظى بالشخصية الدولية، ومن ثم فليست موضوعا للقانون الدولي وإنما موضوعا للقانون الداخلي وشخصا له. *مشكلة توزيع الصلاحيات: تتوسط هذه المشكلة كافة نظم الحكم الذاتي، وتتلخص في كيفية توزيع الصلاحيات التنفيذية، والتشريعية، بين الأقاليم المحكومة ذاتيا، وبين السلطة المركزية، وهناك ثلاثة طرق لتوزيع هذه الصلاحيات، هي: أولا، تعيين الصلاحيات التشريعية والتنفيذية بين الوحدات الذاتية والسلطة المركزية، وتتمثل عيوب هذا الحل في وجود فجوات في الممارسة، نظرا إلى تداخل العديد من الصلاحيات والمجالات في التطبيق، فضلا عن أنه نظري أكثر منه عملي، ثانيا،الاقتصار على توزيع وتعيين صلاحيات الوحدات الذاتية في مجالات محددة، كما في إسبانيا وإيطاليا وكندا،ثالثا، الاكتفاء بتعيين الصلاحيات والمجالات التي تقتصر على الدولة والسلطة المركزية ذات السيادة. * المسائل الأمنية: تقتصر المسائل الأمنية في تطبيقات الحكم الذاتي على الأمن الداخلي المحدود بنطاق الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي، ذلك أن قضايا الأمن القومي تدخل في عداد صلاحيات الأجهزة المركزية للدولة، وطبقا لذلك فأن معظم الوحدات المتمتعة بالحكم الذاتي لها صلاحية تشكيل قوة شرطة محلية. وحتى في المجالات التي لا ينص فيها على ذلك فإن الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي بإمكانه تشكيل قوة شرطة محلية تضمن تنفيذ التشريعات في مجال الضرائب والتجارة، وحماية البيئة، كما هو الحال في جزيرة غرينلاند وفي إقليم الباسك. * السياسة الاقتصادية والمالية العامة: تمثل وحدات الحكم الذاتي ، بدرجات متفاوتة، جزءا من اقتصاد قومي موحد وسياسة مالية موحدة على الصعيد القومي، إذ تحتفظ الحكومة المركزية بحقوق وصلاحيات لا تقبل المنازعة في تقرير السياسة المالية، وسك النقود، وتحديد معدلات الصرف، والإشراف على نظام قومي للجمارك والضرائب،كذلك في وضع خطط التنمية الاقتصادية، وعقد الاتفاقيات المالية، والقروض مع الدول الأجنبية ومع ذلك، فقد تسمح الدولة في بعض الحالات للحكومات الذاتية، بفرض وتجميع بعض الضرائب المحلية، أو تفويضها في ذلك. وخلاصة القول،أن الحكم الذاتي- سواء كان دوليا أو داخليا- له طبيعة خاصة من المرونة وعدم الاستقرار، فهو لا يأخذ شكلا صالحا للتطبيق في أي من الدول على اختلاف ظروفها وأوضاعها. كما يكون للقواعد القانونية التي تنظم الحكم الذاتي دور هام في تحديد مساره، ومما يؤكد ذلك، أن مفهوم الحكم الذاتي في نطاق العلاقات الدولية والسياسة انقلب من علاقة داخلية بحثة بين الدول الاستعمارية ومستعمراتها إلى علاقة دولية، فهو تحول من وسيلة استعمارية غير مرغوب فيها إلى فكرة قانونية مشروعة وجد النص عليها في العديد من الوثائق والاتفاقيات الدولية. وفي نطاق القانون العام الداخلي، لم يأخذ وضعا ثابتا رغم تطبيقات عديدة له. ثانيا: الاستقلال الذاتي كحل سياسي توافقي ونهائي لنزاع الصحراء: لقد شهدت قضية الصحراء المغربية منذ تصفية الاستعمار الاسباني، بموجب اتفاقية مدريد الثلاثية بتاريخ 14 نونبر 1976 ، عدة تطورات متسارعة، كشفت عن حقيقة وجوهر النزاع وأبعاده، أصبحت معه بالفعل مستعصية الحل. وعرفت المراحل الماضية محاولات عديدة استهدفت كلها معالجة هذه المشكلة ضمن تطور خاص ولتحقيق أهداف سياسية وإقليمية واستراتيجية متباينة، لكن الواقع الملموس قد بين فشل تلك المحاولات لسبب بسيط غير أنه وجيه من الناحية السياسية هو أن الأفق السياسي والتطور الاستراتيجي الذي تحكم في تلك المحاولات لم يأخذ بعين الاعتبار قضية الصحراء في شموليتها وفي أبعادها السياسية والانسانية والقومية ضمن نظرة للمستقبل الوحدوي لمنطقة المغرب العربي الكبير. إن هذا الحل السياسي التوافقي يتجاوز مفهوم الغالب والمغلوب، وصيغة هذا الحل هو بقاء الصحراء تحت السيادة المغربية لكن في نطاق نوع من الاستقلال الذاتي وقائم على الوحدة الوطنية والمشروعية الدولية واحترام خصوصيات المنطقة وفي إطار جهوية موسعة. لكن في حالة تذليل كافة الصعاب ودخول هذا الاتفاق إلى حيز التطبيق هل يعني ذلك أن مقتضياته المتعلقة بالاستقلال الذاتي ستبقى مقتصرة على هذه الجهة التي ستشكل نظاما خاصا بالمقارنة مع باقي الجهات، أم أن الأمر يستدعي تعميق الجهوية وتعميمها بنفس الكيفية، الأمر الذي يتطلب مراجعة دستورية خاصة فيما يتعلق باختصاصات الجهات؟ إن الديبلوماسية المغربية أمام خيارين: 1- تمتيع منطقة النزاع بنظام خاص: إن الحل السياسي لقضية الصحراء لا يمكن أن يكون إلا نهائيا ولهذا السبب لا تستطيع المملكة المغربية أن توافق على فترة انتقالية يطبعها عدم اليقين بشأن الوضع النهائي للإقليم. إن هذا الحكم الذاتي النهائي يتمثل في إقامة جهوية خاصة بالمنطقة المتنازع حولها، كاستثناء على المجال الترابي الوطني، كما هو الحال بالنسبة إلى إسبانيا، حيث نجد هناك ما يسمى بـ" المجموعات المستقلة" التي تتمتع باختصاصات تشريعية وتنفيذية في الميادين المحددة دستوريا. ومن هذا المنطلق يستدعي تطبيق هذا الخيار إجراء تعديل دستوري يمنح الجهة موضوع الخلاف حكما ذاتيا خاصا بها، بمعنى أن المناطق الصحراوية ستتمتع باستقلال ذاتي، يفوق نظام اللامركزية المعمول بها حاليا والتي تتوفر فيها الجهة على مواردها التي تمكنها من ممارسة اختصاصاتها المحددة من قبل السلطة المركزية. وتبعا لذلك فإن تطبيق الحكم الذاتي على جهة الصحراء يقتضي منح سكان الأقاليم الصحراوية صلاحيات واختصاصات واسعة في الميادين التشريعية والتنفيذية والقضائية لتدبير شؤونهم المحلية آخذا بعين الاعتبار خصوصيات المنطقة طبعا في إطار السيادة والوحدة الترابية للمملكة واحترام مبادئ الديموقراطية واللامركزية. إن هذا الحل لا يمكن أن يكون إلا في إطار بناء الديموقراطية بالمغرب وبناء الجهة وفتح المجال لأبناء الأقاليم الصحراوية للمبادرة الحرة والمشاركة في استغلال خيرات جهتهم اقتصاديا واجتماعيا و خدماتيا، وكذلك على مستوى المؤسسات المنتخبة، وكذا تضامن المجمع المدني بهدف إدماج المنطقة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا وبوثيرة موازنة. إن الاستقلال الذاتي يجب أن يشكل وضعا نهائيا وليس حلقة تؤدي إلى انفصال هذا الإقليم، داخل هذا الإطار يبقى المغرب منفتحا على كافة المقترحات التي تستلهم التجارب المتنوعة الممارسة في العالم، وتأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الجيوسياسية للمنطقة. نخلص إلى القول بأن تمتيع منطقة الصحراء بنظام خاص، إذا كان سيؤدي إلى إنهاء النزاع لكنه قد سيشكل قاعدة دستورية بمكن أن توظف لتأسيس خطاب احتجاجي على الدولة والمطالبة بوضع قانوني من ذات القبيل خصوصا في المناطق الأمازيغية التي تشكو تاريخيا من اللاتنمية الاقتصادية والاجتماعية ووجود سوابق تاريخية تصعب من التقارب بين المركز والمحيط، كما أن هذا السيناريو يفترض نظاما أساسيا ووضعا مستقلا داخل الوثيقة الدستورية وفلسفة جديدة للصك الدستوري المغربي، فلا يمكن والحالة هذه أن يتعايش داخل النص الدستوري منطقين متباينين يتأسسان على التعددية والاجتماعية، فالنص الدستوري المغربي قد اشتغل وفق ثابت الاجماعية، وانغلاق النسق الدستوري بالرغم من الترميمات المتتالية وظيفتي الضبط والتنظيم مما يجعل من الفكرة السياسية لدستور 1996، تظهر كعائق أمام انفتاح الدولة على البنيات تحت دولية. 2- الانتقال إلى دولة الجهات (الدولة الجهوية): على إثر التطورات التي عرفتها كل من قضية الصحراء والمسألة الديموقراطية، هل يمكن تأسيس رابط بين هذين المعطيين؟ وهل يمكن القول بأن الديموقراطية المحلية في معناها الواسع أي في إطار الحكم الذاتي سيهب ريحها من الجنوب؟ إن مسألة الاستقلال الذاتي والجهوية هي فكرة سبق لأحد برلمانيي الحزب الشعبي الإسباني السيد Javier Ruperz أن دافع عنها، لنقول إن أمكن أن قضية الصحراء مثلث أو حلت محل المشروع المجتمعي الذي كان الدولة المغربية في حاجة ماسة إليه لتعبئة الشعب المغربي من أجل تجديد الشرعية والحماسة الوطنية وربطها بنوع من الانفراج السياسي لضمان حد أدنى من السلم والاستقرار السياسي والاجتماعي لا سيما إذا تم مزج تطور المسألة الديموقراطية الراهنة بتطور قضية الصحراء، وتلاقحهما، وانفتاح النظام السياسي عن طريق تحديث بنياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ومن م المرور إلى الدولة الجهوية، ومن المؤكد أن السمو بالديموقراطية المحلية وباللامركزية نحو الرقي، سيساعد المغرب على مواجهة الطوفان العولمة والمحافظة على هويتنا وعلى وحدتنا الترابية. وإذا كان الأمل هو أن تطبع جهات المغرب كلها بطابع خصوصيتها دون أن يمس ذلك بالالتحام والوحدة، والبداية بالأقاليم الصحراوية، وجعل منها جهة وإعطائها الأولوية على أخواتها بالمغرب وستتلوها جهات أخرى، فأن ذلك يدل على أن ربط الصحراء بالجهوية مسألة أخذ حيزا هاما في الفكر الحسني، وذلك لترابطها بمسألة السيادة، والوحدة الوطنية، وأضحى لذلك أحد أبعاد النظام الجهوي هو حل القضية الوطنية في إطار توسيع اللامركزية، بتمكين السكان المحليين من بناء جهتهم والمشاركة في القرارات السياسية على الصعيد المحلي والوطني. إن الحكم الذاتي تحت السيادة الكاملة والوحدة الترابية للمغرب وفي إطار جهوي موسع جعل مسألة الجهوية مطلبا وطنيا استعجاليا، بهدف إعطاء الجهات هامشا أوسع في التسيير الذاتي والتخلص من المركزية الضيقة. إن الانتقال إلى دولة الجهات يعني إقامة مجموعة من الجهات تتمتع باستقلالية عن المركز في بعض المجالات المحددة، أو تلك المفوضة لها من قبل السلطة المركزية، وفي هذه الحالة يستدعي الأمر إجراء تعديل دستوري للارتقاء بنظام الجهة في مستوى متقدم من اللامركزية في إطار الدولة الموحدة، بمعنى الانتقال من الجهوية الإدارية المعمول بها في المغرب إلى الجهوية السياسية المحددة دستوريا. إن تطبيق الدولة الجهوية يستدعي إعادة النظر في وظيفة المؤسسات المحلية وأساس تشكيل المؤسسات الوطنية التي ستصبح ذات أساس ترابي جهوي إضافة إلى ضرورة رسم حدود للاختصاص بين المستويين وطبيعة نازلات المركز والجانب الموكول له مهام الدفاع والخارجية، إنه منطق ينظر إلى الصحراء باعتبارها وحدة رابية منزوع عنها طابع الخصوصية قياسا إلى الوحدات الجهوية الأخرى. إن خيار الجهوية ليس خيارا تقنيا ولا تعديلا بإمكانه أن يمس مستوى محدودا داخل البنية الدستورية، بل يمتد ليشمل رأس التنظيم السياسي، سؤال فصل السلط، أساس التمثيل السياسي وشكل الدولة، وهي أبعاد لا يمكن لتعديل دستوري محدود أن يجيب عنها. إن القدرة الاحتوائية لسياسة التعديل الدستوري لسنوات 92-95-96 لا يمكن أن يعاد إنتاجها، فالأمر هنا لا يتعلق بالبحث عن التوافق مع أحزاب المعارضة، ولا إلى امتصاص الحركات الاحتجاجية الحقوقية. وإذا كان هناك تخوف من إقرار جهوية سياسية يمكن أن تتسبب في ظهور نزعات انفصالية داخل البلاد، فإن هذا التخوف لا مبررله، مادامت الجهات مرتبطة بملك البلاد، وكما قال الملك الراحل الحسن الثاني:"يمكن أن نسير في اللامركزية إلى أبعد الحدود ما دمنا ممسكين برابطة البيعة." وكان رحمه الله يمنى أن يترك لخلفه مغربا مبنيا على شاكلة المقاطعات الألمانية المسماة " اللاندر". • بعض التجارب الدولية في مجال الاستقلال الذاتي: أ?- النموذج الإيطالي: ترتكز إيطاليا حاليا من حيث التنظيم المحلي على ثلاث مستويات، الجماعات، ثم الأقاليم، ثم الجهات، مع فارق على مستوى القوة،إذ الإقليم يظل ضعيفا في مواجهة قوة الجهة والجماعات المحلية. فالدستور الإيطالي لسنة 1948 أتى موفقا بين اتجاهين: تجاه يدعو إلى استقلال ذاتي واسع والآخر يطالب باستقلال ضيق وعلى هذا الأساس جاءت المادة الخامسة من الدستور لتعلن مبدأ وحدة الجمهورية وعدم تجزئتها من جهة، وتشجيعها للاستقلال الذاتي واللامركزية من جهة أخرى. ومما لا شك فيه أن نظام المناطق السياسية في إيطاليا ليس صورة من صور اللامركزية الإدارية فالوحدات المحلية اللامركزية في نظام اللامركزية، وإن كانت تمتع بالاستقلال في إدارة شؤونها الذاتية ضمن نطاقها المحلي في حدود الصلاحيات المحددة لها في القانون، إلا أن طبيعة هذه الصلاحيات وطريقة صلاحياتها في الشؤون الإدارية تتجاوز صلاحيات نظام المناطق الإداري لتتناول سلطة التشريع أي سلطة إصدار قواعد قانونية تتعلق بالإقليم الذي تقوم فيه، وهذه السلطة هي التي تعطي الاستقلال الذي تمتع به المناطق ذات الطابع السياسي وهي التي تميزها من حيث الجوهر عن الوحدات اللامركزية في الدولة الموحدة، وتجعلها قريبة في وضعها القانوني من الدولة الاتحادية. و لكن هل يعني ذلك أن نظام المناطق في إيطاليا يحقق اللامركزية السياسية أو شكلا من أشكال الفيدرالية؟ إذا عدنا لنصوص الدستور وجدنا أن المادة الخامسة منه تنص على ما يلي: "الجمهورية واحدة لا تتجزأ، تعترف وتشجع الاستقلال الذاتي المحلي، وحق بالنسبة للمصالح التابعة للدولة أوسع مدى من اللامركزية الإدارية وتكييف مبادىء ومناهج تشريعاتها مع ضرورات الاستقلال الذاتي واللامركزي." فالدولة الإيطالية هي إذن بنص الدستور دولة بسيطة وموحدة وليست مركبة أو فيدرالية، وقد أرسى الدستور قواعد الدولة التنظيمية على نوعين من الوحدات، وحدات ذات نظام عادي تتمتع باللامركزية الإدارية، ووحدات ذات نظام خاص تتمتع بالاستقلال الذاتي. والوحدات الأولى لا تثير أي إشكال قانوني، فهي وحدات إدارية لا مركزية ضمن تنظيم إداري لا مركزي تقليدي.أما الثانية، فلم يعطها الدستور أي وصف قانوني، وهي ليست أكثر من وحدات محلية تمتع بنوع من الحكم الذاتي حسب نص الدستور. وفي ضوء ذلك يمكن القول، اعتمادا على نص الدستور، أن هذه الوحدات وإن كانت وحدات لا مركزية، فإنها تتجاوز نطاق اللامركزية الإدارية، ولكنها لا تصل إلى حد اللامركزية السياسية، ولا تعرض قانون ووحدة الدولة للتجزئة، ولا تغير من شكل الدولة البسيط، وكل ما في الأمر أنها وحدات أوجدها الدستور بأنظمة قانونية خاصة لتميزها عن سائر أقاليم الدولة ومراعاة لأوضاعها وظروفها الخاصة. ب?- النموذج الإسباني:"المجموعات المستقلة": يصف الفقه الإسباني الدولة الإسبانية بأنها دولة المجموعات المستقلة، فإسبانيا من الدول الديموقراطية التي تأخذ بالنظام الملكي، تعرف نمطا فريدا في ميدان التنظيم الجهوي، وسبب ذلك طغيان النزعة الانفصالية على بعض الجهات وكذلك التفاوت الصارخ بين الجهات الشمالية والجنوبية خاصة المناطق الأندلسية منها. يستعمل النظام السياسي الإداري الإسباني تقنيتين مختلفتين لإدارة عجلة الحكم والإدارة، فمن جهة، هناك ميكانزمات اللامركزية التي تأخذ بها الدول الفيدرالية ، ومن جهة ثانية، هناك ميكانزمات الجهوية، وهذا ما جعل البعض يصف النظام الإسباني في منتصف الطريق بين الجهوية والفيدرالية. ورغم اختلاف المحللين والسياسيين في تحديد نوعية النموذج الجهوي الإسباني، فإن دستور 1978 استطاع أن يجعل من إسبانيا دولة المجموعات المستقلة فعلا، وذلك بتقليصه لنظام المركزية الشديدة وبالتالي إحداث 17 مركزا جديدا للسلطة وللإدارة والتسيير، لقد راعى الدستور بذلك وحدة الدولة من جهة والفروقات القومية وضرورة منح الأقليات بعضا من الاستقلال الذاتي. وتجدر الإشارة إلى أن قيام المجموعات المستقلة بإسبانيا يعتبر حقا دستوريا في مادته الثانية، حيث يعرف المشرع ويضمن الحق في الاستقلال الذاتي بالنسبة للقوميات والجهات التي تتكون منها الدولة الإسبانية، مع السهر على رعاية التضامن والتساند فيما بينها، وذلك بعد أن تأكد بوضوح أن وحدة الأمة الإسبانية لا تقبل أية تجزئة في وطن يشترك لكل الإسبان. إن المجموعة المستقلة وهي جماعة إقليمية في مستوى إقليمي في إسبانيا، أنشأها الدستور الإسباني بكيفيات وصف أحيانا بتعبير" استقلالية حسب الطلب" لا يحدد الدستور مسبقا هوية المجموعات ولا عددها، وقد تمت متابعة مسار إنشاء المجموعات المستقلة لسنوات عديدة حتى عام 1983.كان مجمل الإقليم الإسباني في ذلك التاريخ منقسما إلى 17 مجموعة مستقلة. وإلى جانب مجموعات تاريخية في أقاليم ذات هوية ثقافية شديدة( بلاد الباسك، كاتالونيا، غاليس) أنشئت مجموعة أخرى بناء على مبادرة الحكومة المركزية وٌليم بعض المجموعات المستقلة، مقاطعة واحدة(مورسيا، كانتابريا) وأخرى تضم مقاطعات عديدة (الأندلس وكاستيليو مثلا). إن نظام المجموعات المستقلة تتميز من الناحية القانونية ومن ناحية الشكل بوضع خاص، فهو يختلف عن أنظمة الحكم المحلي في سائر البلاد التي تأخذ بهذه الأنظمة من حيث أنه لا ينص على المبادئ والقواعد التي ترعي أحكامه، وبالتالي فهو لا يصدر بقانون دستوري كما هو الشأن في دساتير الدول الفيدرالية. والمجموعات المستقلة هي التي تضع النظام ويكتفي البرلمان بالتصديق عليه، وهو لايصدر بقانون عادي لأن البرلمان المركزي( الكورتيس) لا يضع نظام المنطقة(الجماعة) دون موافقتها. وقد أناط الدستور الإسباني المجموعات المستقلة بمجالس محلية تولى مباشرة الاختصاصات التي تعود إليها، ومن أهم هذه الأجهزة نذكر: البرلمان الجهوي، الحكومة الجهوية، رئيس الحكومة الجهوية، مجلس أعلى للقضاء الجهوي. وبالرجوع إلى بنود الدستور نجد أن هناك تقسيم لهذه الاختصاصات بين الدولة والمجموعات المستقلة، وذلك وفق المادة 148 التي خصصت للمجموعات المستقلة، والمادة 149 التي خصصت لاختصاصات الدولة. إن الأوطونوميا في إسبانيا لم تكن حاجة ديموقراطية بقدر ماكان وسيلة لإقامة توازنات وتوافقات سياسية، إن الإنتقال الديموقراطي في إسبانيا حقق جل أهدافه، إذ حسم علاقة الدولة بالكنيسة والجيش، إلا أن هذا الانتقال لن يكتمل إلا بإصلاح دستوري يعمل على حل مسألة الجهوية عبر مراجعة دستور 1978 . خلا صـة: خلاصة القول أن قضية الصحراء تندرج بالنسبة للشعب المغربي، في إطار استكمال وحدته الترابية والحفاظ على وحدته الوطنية، كما أن الاقتراح الشجاع والمسؤول المتعلق بالحكم الذاتي في ظل احترام السيادة الوطنية يندرج تماما ضمن مفهوم تقرير المصير، باعتباره طريقة مفضلة لممارسة ساكنة معينة لحقوقها الفردية والجماعية. ويبقى المغرب مستعدا للتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة ومع ممثله الخاص للتوصل إلى حل سياسي عادل ومقبول من جميع الأطراف، حل يمكن سكان المخيمات من الالتحاق بذويهم ويمكن دول المغرب العربي من تحقيق الوحدة والتضامن.

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

jeudi 21 août 2008

مالي والطوارق

لخلاف الدائر في مالي بين حكومة مالي العنصرية بزعامة أذناب الاستعمار وتجمع قبائل الصحراء الشمالية من العرب والطوارق والتي يطلق عليها أهلها أزواد إذا أردنا تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية هو صراع بين الأبيض والأسود وهو صراع الألوان والجنس البشري فالأسود قبل الاستعمار الفرنسي كان تحت حكم وسيطرة الأبيض ؛ بل وصل إلى الاستعباد في بعض الحالات ، ثم بعد الاستعمار عزف أبناء الجنس الأبيض عن التعليم الفرنسي خوفا على عقيدتهم ومبادئهم وعاداتهم من الكفار وأهدافهم وأثرهم على القيم والمبادئ لدى تلك القبائل فكانت النتيجة استلام المتعلمين من الجنس الأسود دفة الحكم بعد الاستقلال ، ولم ينس الأسود عقدته مع الأبيض عندما كان صاحب السيادة وكانت روح الانتقام والثأر حاضرة بقوة في ذهن الأسود لأن أية سيطرة أو تنازل للأبيض تعني عنده عودة عهد الاستعباد ..ومن هنا سلكت جميع الحكومات المالية المتوالية سياسة القهر والاحتقار والتهميش والتهجير والتجويع والقمع والإبادة الجماعية ضد الإنسان الأبيض في مالي والمناطق التي يتواجدون فيها فحرمت من مشاريع التنمية والبنية التحتية وحرم السكان البيض من أبسط حقوق الإنسان وهي الأمن والتعليم والغذاء والدواء والطرق فبدأت الثورات منذ وقت مبكر بعد الاستقلال مباشرة حيث لم تنتظر أول حكومة مالية عنصرية ماركسية برئاسة الشيوعي الإرهابي موديباكيتا لم تنتظر طويلا للأخذ بالثأر والانتقام من عقدة الإنسان الأبيض ، وما دام الصراع في مالي على اللون فلا أعتقد أن له نهاية إلا أن يشاء الله أمرا كان مقضيا إذ لا أحد من الطرفين يمكنه تغيير لونه وصبغه باللون الآخر وهناك قصص كثيرة رواتها لا زالوا أحياء تؤكد أن الصراع صراع اللون منها :
1- قصة بطلها حي يرزق سمعتها منه شخصيا وهو ثقة إن شاء الله ومن الوطنيين الأوفياء لمالي وما أكثرهم من الجنسين ومن الذين صبروا وصابروا ورابطوا رغم كل التهديدات بالسلب والنهب والقتل التي وجهت إليه لا لشيء سوى لونه الأبيض في منطقة معظم سكانها من الماليين السود !يقول كنت في متجري يوما من الأيام حتى جاءني أحد الجنود من السود من موالي البيض سابقا وكان من الأوفياء فحلف بالله على حبه وإخلاصه وكان صادقا ونصحني بالخروج من هذه المنطقة إلى إحدى مناطق العرب والطوارق لأن الحكومة لا تستطيع حمايتك هنا ووجودك هنا يسهل عليهم افتعال الأكاذيب وتأليف التهم والشبهات ضدك إذا أرادوا بك شرا! وهم لا شك يريدون! وأنا لست دائما معك؛ بل ربما يتم نقلي من هنا في أية لحظة ..وبالفعل تم نقله بعد شهر وصادف أن زارني اثنان من أبناء عمومتي فتم محاصرة بيتي فورا وأخذت إلى المخفر بتهمة وجود السلاح وأن الاثنين من أبناء عمي من ( المتمردين ) ! لكن الله خيب مسعاهم حيث لم يجدوا لا سلاح ولا أية أدلة على إدانة ضيوفي ومع ذلك لم تنته القضية حتى توسط فيها ذلك المولى الوفي بعد أن راسلته وأخبرته بخبري مؤكدا نصيحته الأولى مما اضطرني إلى الهجرة وإقفال متجري خوفا على نفسي وهذه قصة من عشرات القصص المماثلة لهذا الشخص فقط كلها بسبب لونه الأبيض ..
2- القصة الأخرى رواها لي شيخ طاعن في السن ثقة من حفظة كتاب الله ومن المحايدين الزاهدين الأنقياء الذين لا يفرقون بين عبد الله الأبيض والأسود إلا بالتقوى يقول : حدثني ثقة من البيض كان حاكما لإحدى الولايات الشمالية وكانت تربطه علاقة عمل بالرئيس الحالي الإرهابي العنصري توماني توري مؤسس كتيبة قانداكوي الإرهابية العنصرية التي مارست أبشع ألوان التصفية الجسدية والإبادة الجماعية ضد الإنسان الأبيض في مالي وكان وقتذاك رئيسا للجيش وكنا في جلسة أخوية غير رسمية ففلت منه اللسان وعبر عن مكنونه بكل تلقائية أثناء تجاذب أطراف الحديث حول قضية الشمال وثوراتهم في جمع من زملاء العمل وربما كنت الوحيد الأبيض

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

توماني توري في احلك الظروف

يمر الجنرال توماني توري في هذه الحقبة الزمنية بأحلك الظروف تتمثل في تهديد مباشر له ولحكومته العنيدة) ويمر بهذه الظروف كغيره من الدكتاتوريين الذين قرب أجلهم بعد جبروت مارسوه سنين ضد فئة وطبقة من شعب الدولة التي يحكمها . ينظر إليهم بعين مقت وبغض منذ أن قال كلمته المشهورة ( يجب تطهير الصحراء من قطاع الطرق) وقد عمل على ذلك في الواقع واراد ذلك بالفعل عندما جر جيوشه نحو بدو الصحراء في الشمال فارتكبو ما أستطاعو من مجازر ومذابح ...وكلما اشتد عليه الطوق صاح مستجديا جارته العزيرة ( حكومة الجزائر ) للتتوسط بينه وبين الثوار قاصدا في ذلك استجماع شمله ولا يقيم لما نتج عن تلك الواسطة من اتفاقيات وتعيد الكرة مرة ثانية ... وهذا ما يحدث الى الان ... وأنا في رأي انه حتى لو تمت اتهدئة سوف تعود الثورة من جديد طالما حكومة مالي لا تستجيب لما اتفقنا معها من اتفاقيات ..وهاهو الان يطلب من دولة ليبيا عمل شئ من أجل إبقاء ماء وجهه مرة أخرى

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

قضية الطوارق

حقا ان المعطيات تشير الى ان المنطقة قابلة على احداث خطيرة قد لاتحمد عقباها ونخشى ان يكون ذلك بعد فوات الاوان, مالم يعمل المفكرين والسياسيين والمهتمين ممن لهم دراية بأدق تفاصيل المنطقة وسكانها , بعيدا عن المتحفزين المتاهبين دوما للقفز السريع للانقضاض على الغنائم والارباح الوفيرة وارضاء الحكام وتضليلهم وهم الخبرا المهرة والسباقون لذلك على حساب قضايا استراتيجية في غاية الحساسية والخطورة , وتقديم دراساتهم ومقترحاتهم بناء على ما بانفسهم من مآرب واغراض وبكل اسف . نكرر الاسف لان الطوارق لا احد في هذا العالم يعرفهم حق المعرفة, وان عرفهم البعض فان معرفتهم لاتتجاوز ماقيل او كتب من الاخرين عنهم , فعلا نستطيع ان نقول بان الطوارق شعب خارج الزمن ومحنته جهل العالم به . ان الطارقي لايريد فى هذا العالم شيئا سوى الحرية بكل ماتعني هذه الكلمة من معنى , وان حبه للحرية هو الذى دفع به الى اعماق الصحراء الاف السنين . وان الطارقي هو الذى دافع عن الحرية بشراسة خلال سنوات الغزو الاستعمارى لافريقيا, وتحول حجر عثرة امام كل محاولات الاستعمار لاستطلاع افريقيا لمدة تجاوزت القرن . وعندما طلب الاستعمار تاسيس دولة لهم فى الصحراء , وقفوا وقفة رجل واحد ورفضوا ذلك بقوة , وفي كل مكان . وبعد رحيل الاستعمار وتقسيم اراضي وجدوا انفسهم مواطنين رعايا لدول لم يسمعوا بها حتى جاءت لجباية الضرائب , فهنا بدا الصراع . والان وبعدما اتضحت الامور وتم اكتشاف الثروة الهائلة التي لاتزال خام تحت اقدام البدو المغفلين الباحتين عن الحرية المفقودة , تحول الصراع الى صفقات دولية كبرى , ومصير سكان الصحراء ان تجرفهم البلدوزرات في طريقها لاستخراج الثروة المدفونة ونصيبه استنشاق رائحة النفط واليورانيوم لنيل الحرية الابدية

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

الطوارق.. عالم الثورات و"اللثام" والتجارب "النووية" الفرنسية


أعلن "العرب والطوارق" في منطقة أزواد شمال جمهورية مالي في 23 مايو 2006 تمردا مسلحا، هو الثالث منذ خروج آخر جندي فرنسي من بلادهم في 1961 بعد فشل سكان الصحراء في الحصول على استقلال لمنطقتهم التي اعتبرت من قبل الادارة الاستعمارية منطقة غير مؤهلة لميلاد دولة مدنية حديثة، بسبب "البداوة والأمية باللغة الفرنسية"، وطبيعة السكان المتمردة على الجمهورية الفرنسية.

وعلى اثر ذلك، قسمت فرنسا بلاد الطوارق بين 4 دول (الجزائر، النيجر، مالي، بوركينا فاسو)، غير أن قسما آخر من بلاد الطوارق (سلطنة أزجر) في الجنوب الليبي، كان تابعا في الأصل لليبيا، ولم يدرج من ضمن المخطط الفرنسي.
ويعتبر الطوارق في ليبيا والجزائر أنهم نجوا من إلحاقهم "بجسد غريب" عنهم أسوة بما حدث لإخوتهم في مالي والنيجر، وهو الإلحاق الذي أخرجهم من الخارطة المغاربية التي كانوا جزءا لا يتجزأ منها طوال القرون الماضية، ليؤول حالهم إلى النسيان من الذاكرة العربية ويطووا في صفحة الماضي.
وطبقا لتقرير للزميل عمر الأنصاري نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" الجمعة 14-7-2006 أدرك العرب والطوارق سريعا انقطاعهم عن جذورهم المغاربية والعربية فور رسم الحدود الجديدة، وإعلانهم سكانا لمنطقة جديدة لم يتعودوا سيادتها ولم يعتبروا أنفسهم جزءا منها.
وأعلنوا إثر ذلك أول ثورة مسلحة في منطقة كيدال (معقل طوارق مالي) في 1963 بعد فشل الجهود السياسية التي بذلها قادتهم للاستقلال بجمهوريتهم الصحراوية.
وهي الثورة التي واجهتها سلطات باماكو بقمع دموي، وباعتقال قادتها وايداعهم السجن، وقد تعاونت الدول المغاربية في قمع تلك الثورة، وقامت بتسليم قادتها الذين لجأوا إليها للسلطات المالية.

عودة للأعلى

القتل البطيء للطوارق

واستمر التهميش والقتل البطيء للعنصر العربي والطارقي في مالي والنيجر حتى 1991 الذي أعلن فيه الطوارق في الدولتين ثورتهم الثانية، احتجاجا على سياسية تهجيرهم لدول الجوار، وتهميش منطقتهم وعدم إدراجهم في البرامج التنموية في الدولتين. وكانت ثورة التسعينات الأكثر دموية، في تاريخ المنطقة.
وقتل الآلاف في مجازر تمبتكو 1991 و1994، وفي شتى مدن الشمال في مالي. ولم يكن الوضع في النيجر أقل سوءا بعد اعتقال السلطات لآلاف السكان والزج بهم في سجون جماعية. والغريب أن هذه المجازر نزلت بالطوارق على يد حكومات منتخبة تولت سدة الحكم، بعد عقود من سيطرة الحزب الواحد فيها.
وأسفرت اتفاقيات سلام هشة تمت في الجزائر (الأولى في تامنغست في 1991 ـ والثانية في 1992) عن وقف تلك الأحداث، وقامت مالي بإدماج عدد من المقاتلين الطوارق في جيشها وبمنح بعض قادتهم عددا من الامتيازات. لكن استمرار تجاهل الشمال في برامج التنمية ظل مستمرا.
ووجد قادة ثورة التسعينات أنفسهم في موقف حرج تجاه سكان المنطقة الذين اتهموهم ببيع ثورتهم مقابل وظائف حكومية. وهو ما حمل فصيل مسلح من الطوارق على الفرار من الجيش وإعلان ثورة جديدة هي الثالثة في 23 مايو الماضي، اسفرت مجددا عن اتفاق سلام وقع في الجزائر في 4 يوليو/تموز الحالي. تعهدت فيه الحكومة المالية بتسريع التنمية في مناطق الطوارق شمال البلاد. وبإعطاء اعتبار لخصوصية الشمال.
والمتابع لقضية الطوارق يلحظ شيئا واحدا، وهو الغياب الاعلامي الكبير، عن احوالهم ومطالبهم ومطالبهم ومأساتهم، بسبب توغلهم الدائم في الصحراء وعدم الالمام بقضيتهم من قبل الاعلام العربي، ولأنهم تابعون لدول غير عربية.
وهي معاناة يضاف إليها ما أصاب بلادهم من موجة جفاف طوال العقود الأربعة الماضية حولتها من صحراء نابضة بالحياة الطبيعية التي كفلت لهم العيش، إلى صحراء جرداء قاحلة لا ماء فيها ولا كلأ، وهو ما خلق موجة من الهجرات الجماعية التي حطت بهم في الجزائر وليبيا والمغرب، بل إلى بلدان أبعد كالمملكة العربية السعودية، التي حطت فيها بيوتات عربية لم تترك وراءها إلا فيافي وقفار انتهت أسباب الحياة فيها. وقد زادت تلك الهجرات العربية من غربتهم في دولهم، بسبب انكباب العرب والطوارق على التعليم العربي للحفاظ على هويتهم العربية والاسلامية.
وهو ما ليس متاحا لهم في مالي والنيجر الناطقتين بالفرنسية. والتي لا قيمة فيها لأصحاب الشهادات العربية. ويتذكر الطوارق بمرارة مآسيهم منذ الاحتلال الفرنسي، الذي لم يكتف بتمزيقهم، بل صنفهم أعداء للمدنية واللغة الفرنسية التي أعرض الطوارق عنها.
وبدت فرنسا مستعدة للانتقام من هؤلاء "المتمردين" على حضارتها ولغتها، بشتى الأساليب، بل ذهبت إلى الحد الذي جعلها تتخذ من صحرائهم منطقة للتجارب النووية. وقد نفذت فرنسا عام 1957 التجارب النووية الـ17 التي قامت بها في صحراء الطوارق بقنابل تبلغ قوتها مجموعة أكثر من 630 كيلوطنا.
وفي 1960 شاركت بعثة إسرائيلية في التفجيرات النووية الفرنسية في صحراء الطوارق. وقد اجتاحت الصحراء مذ ذاك أنواع من الأوبئة والأمراض، التي لم يعرف الكثير من الطوارق أسبابها حتى يومنا هذا.
وكغيرهم من البدو أصبحت تلك الأعوام تحمل في ذاكرتهم أسماء الأوبئة التي اجتاحتهم. إذ يعرف بينهم اليوم "عام الموت" و"عام السعال" وعام "الجدري"، وغيرها كثير.. من مسميات لأمراض كانت نتيجة للاشعاعات التي تعرضوا لها. وقد سجل عدد من الشهود أن إدارة الاستعمار، حرصت على تنفيذ كل هذه التجارب قرب المناطق المأهولة بالسكان الطوارق، لتسجيل مدى فاعلية "أعمالها".
هذا الموت الذي تعرض له الطوارق تلاه جفاف أتى على الماشية في حياتهم اليومية. ولم يشتغلوا بالزراعة يوما. وقد استنفرت عدة منظمات عالمية جهودها طوال تلك العقود للتخفيف من معاناة العرب والطوارق، لكن جهود معظمها باءت بالفشل بسبب استيلاء حكومتي مالي والنيجر على تلك المساعدات.
وهو ما جعل عدد من الدول تصرف النظر عن صرف اية مساعدات باسم الطوارق لتلك الدول. ولم يبق للطوارق والعرب في مالي أي وجود حقيقي بعد تحولهم لأشباح تهيم في الصحراء.
وقد زاد من مرارة الوضع اعتبارهم من قبل بعض السكان "السنغاي" في مالي والنيجر مجرد دخلاء عليهم العودة إلى مواطنهم الأصلية في منطقة المغرب. وقد أنشأت مجموعة عنصرية في مالي جبهة تسمي نفسها "غندغوي" (أهل الأرض) في التسعينات، ساهمت بشكل فعال في إبادة السكان من ذوي البشرة البيضاء وتهجيرهم، مطالبة بإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية.

عودة للأعلى

ثروات طبيعية

ولكن أشد أنواع التجاهل الذي لقيه الطوارق والعرب في مالي والنيجر، كان من قبل الدول المغاربية التي هي امتدادهم، إذ لم تحاول أي منها التدخل لإيجاد حل حقيقي لمشكلتهم، ومحاولة ايجاد الاستقرار لهم. وعدا الجزائر وليبيا، فإن أحدا لم يسع لحماية الطوارق والعرب من الموت والتشريد.
فقد اكتفت الجزائر بلعب دور وسيط سلام باستضافتها لمحادثات السلام الهشة التي تقام على أراضيها حين إعلان أية ثورة جديدة، بغية الحفاظ على استقرار مناطقها الجنوبية المأهولة بقبائل الطوارق.
فيما اكتفت جارتها ليبيا بفتح حدودها للفارين من المجاعة والإبادة والباحثين عن المدارس العربية. لكن قادة الطوارق بقدر ما يحملون عرفانا لهاتين الدولتين على وجه الخصوص، إلا أن مآخذهم بدأت تظهر عبر تصريحات يدلون بها بين الحين والآخر.
إذا يعتقدون أن بمقدور طرابلس والجزائر التدخل بشكل أكبر مع حكومت نيامي وباماكو، وإقناع الدولتين بإعطاء اعتبار أكبر للعرب والطوارق، وهي مطالب يلفها الكثير من الحذر في العاصمتين العربيتين خاصة بعد أن بدأت تصريحات سياسية من قبل قادة الثورة في اقليم أزواد شمال مالي تتحدث عن "حكم ذاتي" لمنطقتهم، والاعتراف بالتنوع.
وهي مطالب يخشى أن تشجع طوارق المنطقة على تمرد أكبر، قد يطالب الطوارق في نهايته في كل الصحراء بدولة صحراوية على غرار تلك التي كانت فرنسا قد وعدت بها. إلا أن الواقع المعاش ينفي هذه الفرضية لأناس يحاولون فقط حتى الآن ايجاد سبل العيش الكريم على أرضهم.
ومما يزيد من حنق الطوارق على بلدان المنطقة اليوم أن أكبر ثروات طبيعية تنعم بها المنطقة هي تلك التي تستخرج من صحرائهم، كالجنوب الجزائري المليء بحقول النفط، والنيجر حيث اليورانيوم، وشمال مالي حيث بدأت عدة شركات عالمية في التنقيب عن النفط والمعادن الثمينة. وقد أثبتت الدراسات الجيولوجية التي أجريت منذ عهد الاستعمار الفرنسي أن صحراء الطوارق ورمالهم تحتضن مناجم لشتى الثروات والخيرات الطبيعية الكفيلة بانتشالهم من حاجة الغير.
مطالب الطوارق والعرب الأساسية اليوم لا تتمثل فقط في إدخال التنمية لمناطقهم، وإنما تتجاوز ذلك إلى "اعتبار هويتهم"، وخصوصيتهم الثقافية، فمعظم أبناء الطوارق والعرب يتجهون للدول العربية لتلقي العلوم والمعارف، لترسيخ عروبتهم وتأكيد هويتهم المغاربية، لكن الواقع المعاش في بلادهم يرفض هذا التوجه، ولا يقر إلا بأنهم إذا ما أرادوا الاندماج "اصحاب هوية افريقية بلسان فرنسي" وهو ما لن يستوعبه سكان الصحراء الذين توارثوا عن آبائهم ملايين المخطوطات والمعارف الاسلامية العربية التي جعلت مدينتهم التاريخية "تمبتكو" تستحق لقب "عاصمة الثقافة الاسلامية" هذا العام.

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

تومبكتو:مركزاً تجارياً وثقافياً عربياً إسلامياً

مدينة تأسست قبل 1000 عام شكلت على مدى قرون مركزاً تجارياً وثقافياً عربياً إسلامياً في الغرب الأفريقي، لكن هذا الحضور اليوم تراجع لحساب ثقافات أخرى، أنا الهادي الحناشي أرافقكم في مهمة خاصة من تومبكتو نتعرف خلالها على واقع هذه المدينة التي تعيش حاضرها بثوب التاريخ. تتمدد دروب الصحاري أمامنا بلا نهاية، وكأن البعيد هناك عصي المنال، هنا بعيداً عن الساحل الأفريقي قريباً من أساطير الأولين وعلى طريقة القصاصين مقتفي الآثار القدامى نمضي للبحث عن مدينة تحتمي برمال الصحراء، المسافات هنا لا تنتهي لا تحتسب بالكيلومترات ولا بالأميال ولا حتى بالفراسخ، هي الأيام وحدها التي تتحدد بها المسافة بين باماكو عاصمة مالي وتومبكتو جوهرة الصحراء مقصدنا اليوم في زمن الدفع الرباعي أرضاً والطائرات جواً، ومع ذلك فالرحلة غير الرحلة، المسافر الرحال يمكنه عبر هذه الطرق الأفريقية التي لا تشبه سوى الطرقات الأفريقية أن يتخيل وله المجال والوقت الكافيان للوقوف على جهد ومعاناة السابقين وهم يشقون في قوافل هذه الطرقات والمسالك بحثاً عن تومبكتو، قبل قرون وقرون وحينما كان للأدب شراة وفي العلم راغب كان الطالب العلمي والفقيه والعالم والتاجر يجوبوا هذه المسالك القاحلة بما تيسر لهم من زاد، غايته غايتنا اليوم "تومبكتو"، قرىً متناثرة من الزمن الغابر تقطع عليك الطريق بين الحين والآخر لتؤكد لك صواب مسارك، لتكون مرشداً لك في دروب الصحراء، انتهى اليوم الأول وحلّ الليل الأفريقي المشبع بسحر الصحراء وأيضاً بأساطيرها، لكن الطريق في منتصفه وكذا اليوم الثاني، يتمدد الطريق أيضاً وكأنه لا ينبئ بنهاية وشيكة، تتنوع التضاريس لتمنح الجغرافيا أبعاداً أخرى، مشاهد تتكرر ولكنها تتنوع لتعكس التنوع العرقي في جمهورية مالي، تستمر الرحلة شمالاً تحت وهج الصحراء، تغيب الدروب التي تحكم العزلة على تومبكتو تماماً كما لو أن وراء هذه التلال كنزاً ثميناً خبأه سلاطين الزمن الماضي، حل الليل من جديد لندخل مدينة الصالحين والقديسين كما يسميها أهلها، مدينة لها من القداسة والطمأنينة ما به تسكن نفوس قصادها، مسارٌ آخر واتجاه آخر لما بعد تومبكتو التي لم نرها ليلاً، للسكن كيلومترات قليلة في الصحراء لا تتعدى من الفراسخ العشرين فرسخاً وبالكيلومترات الثمانين لكنها مزيج من المشقة والمتعة والمخاوف التي لم تتبدد سوى باكتشاف ما غيّر من سكون الصحراء، مهرجان سنوي يقام في هذه التلال الرملية يقصده المئات من عشّاق الصحراء من مختلف أنحاء العالم، يطلع نهار جديد لتستقبلنا تومبكتو جوهرة الصحراء التي تتربع على الرمال موهل العلماء وعاصمة الإسلام في الغرب الأفريقي حاضنة العلم والعلماء، وقطب التجارة والصناعة منذ القرن الثالث عشر ميلادي وحتى بدايات القرن التاسع عشر.
النوري الأنصاري (باحث في تاريخ الطوارق): تعيش تومكبتو بواسطة الملثمين الذين يطلقون عليهم الآن التلتماشق أي الطوارق، وتأسست في حوالي 1080 - 1100 أي بمعنى في القرن الخامس الهجري الموافق في بداية القرن الحادي عشر، التسمية كان في حي الطوارق قريب من المطار، هذا الحي يأتون إليه الطوارق ضمن الصيف لأنهم يأتون من الشمال، ما في مياه جف ما في عشب النار يجف ويترك أماكن للرعي، ولما يأتي الخريف في شهر يوليو تكون الحيوانات مثل الجمل حاشاك الحمير الذئاب تحمل وسيلة النقل تحمل الأمتعة تكون ضعيفة فيذهبون بأشياء خفيفة الأشياء الثقيلة يتركونها، وهم لما تكون الحي هذا يحفرون آبار ارتوازية حوالي 5 متر 3 متر لأنه في مكان مثل المياه، المياه قريبة جداً نقولها بلغة الطوارق تيرسي يعني آبار صغيرة قريبة من المياه ممكن حتى الإنسان يستطيع أن يغرف يعني مكان تستطيع أن تغرف حتى قريب تدخل وتغرف، لكنهم يستخدموا أحياناً الدلو لأنه قريب على الأقل 3 أمتار 4 أمتار 5 أمتار..
الهادي الحناشي: الآن بالتأثير العربي الإسلامي على هذه..
النوري الأنصاري (باحث في تاريخ الطوارق): معك التسمية ما انتهيت منها، إذن لما يذهبون إلى الشمال عند بداية الخريف هناك لهم أمة يتركون عندها العفش الثقيل، كل الأمتعة الثقيلة تترك عندها وهذه الأمة بمرور الزمن كل من يأتي أيضاً يترك عندها الأشياء أشياء يذهب إلى السوق بعيدة ويذهب إلى المدينة الأشياء الثقيلة يتركونها عندها لأن الماء متوفر عندها، فمن هنا تماشق الأشياء الحفش يبكتو، وذات الأمتعة ذات الأشياء ذات الحفش لما نركب تن بكتو تأتي تومبكتو تأتي تينابوكتو.

عودة للأعلى

مدينة تاريخية أهلها حاضرون

الهادي الحناشي: هدوء وسكينة يلفان تومبكتو اليوم، الحياة هنا تسير ببطء شديد للوهلة الأولى يشعر الزائر كما لو أنه يطوف في أرجاء استديوهات سينمائية تم إعدادها بإحكام لتصوير أفلام تاريخية، لكنه سرعان ما يعدل عن هذا الشعور بمجرد مخالطة أهلها.
سالم ولد الحاج (نائب رئيس المدينة): لمن لا يعرف تومبكتو فهي مدينة تقع شمال جمهورية مالي على الحدود مع النيجر لعبت تومبكتو دوراً تاريخياً مهماً على المستوى الاقتصادي والفكري، تأسست في القرن الحادي عشر الميلادي على يد الطوارق، حكمتها قبائل الماندنغ منذ عام 1325 ميلادي والماندنغ قبائل أفريقية من جنوب مالي، ولكن بعد عام 1433 عاد الطوارق إلى الحكم إنها مدينة حكمت من قبل شعوب وقبائل مختلفة، فبعد قبائل الماندنغ حكمها الصاريون وفي عام 1591 حكمها المغاربة، وبعد ذلك حكمها الأرمان لغاية عام 1826 أما بعد الأرمان حكمتها قبائل ماسينا وبعدهم جماعة الحاج عمر، ثم عاد الطوارق لحكم مدينة تومبكتو من جديد، ثم جاء الفرنسيون ليحكموها من عام 1893 ولغاية عام 1960، هذا عرض مختصر للشعوب والقبائل الذين حكموا مدينة تومبكتو فشعبها الحالي هو خليط من كل هذه الشعوب والقبائل.
الهادي الحناشي: تحاول تومبكتو اليوم النهوض من سبات سنوات العزلة الطويلة، بعد أن غيرت القوافل العربية والإسلامية طرقها إلا أن التومبكتويين المتعبين بعروبة الأمجاد الماضية والمرهقين بتراث الأجداد الخالد لم ينحنوا أمام هذه العزلة، هذه العزلة التي عمقها الواقع السياسي والجغرافي الذي فرضته التقسيمات الاستعمارية للصحراء الأفريقية، وكأن ما حصل فصل للروح العربية عن الجسد الأفريقي، ففي هذه الديار إصرارٌ كبيرٌ على حماية ما تبقى من موروث ثقافي وحضاري يعود للقرون الغابرة.
د. محمد كلاديكو (مدير مركز أحمد بابا التمبكتي): تأسس معهد أحمد بابا على يد حكومة مالي واليونيسكو، مهمة المعهد هي جمع وحفظ المخطوطات القديمة والاستفادة منها لحد الآن لقد تم تجميع ما يقارب 30 ألف مخطوطة تتناول كل مجالات العلم على سبيل المثال التاريخ والأدب وخاصة العلوم الإسلامية وتركيبات الأدوية بالإضافة إلى رسائل تاريخية مهمة.
الهادي الحناشي: يحمل هذا المركز اسم أحد أشهر علماء تومبكتو ومثقفها في القرن السادس عشر ميلادي، وما يضمه في خزائنه ليس كل ما تختزنه تومبكتو، ففي المدينة تتوزع جواهر الكتب والنفائس عبر مكتبات خاصة.
إبراهيم حيدرة (صاحب مكتبة مما حيدرة): في تومبكتو أكثر من 20 مكتبة مكتبات خاصة في العائلات، ومن ضمن هذه المكتبات 7 مكتبات مشتغلة يعني مفتوحة يعني مش لهذا في تومبكتو الآن، وفي هذه المكتبة 9 آلاف مخطوطة من جميع أنواع المخطوطات، وتقدر مخطوطات تومبكتو وما حولها بمليون مخطوطة حالياً.
[فاصل إعلاني]

عودة للأعلى

سر الصحراء وسحره

الهادي الحناشي: نغادر تومبكتو في اتجاه الصحراء من جديد بحثاً عن سر من أسرارها، فللصحراء سحر وسر أبدي تمتزج خيوطه بالأساطير، مقصدنا هذه المرة إحدى قرى الطوارق، الطوارق المعجونون بأنساب العرب والبربر حتى انتهت نسبتهم تسمر نبتهم في الصحراء كنبتها فصاغوا لها لغزاً تتردد طلاسمه من جيل إلى جيل، هم فرسان الصحراء ورجالاتها ممن اختاروا الأفق حدوداً لهم، برعوا في مسالكها على مر العصور فكانوا المقاتلين الشرفاء المدافعين عنها، المثير هنا أن الطوارق هو الاسم الذي يطلقه الجميع في العالم على هؤلاء الناس باستثناء الطوارق أنفسهم.
النوري الأنصاري (باحث في تاريخ الطوارق): هم تل - تماشك والكلمة متركبة من كلمتين تل شرطة تماشق، تل أصحاب تماشق لغة أصحاب لغة تماشق أو أهل لغة تماشق، والمصطلح الطوارق عندما تريد تقول لغة الطوارق غير سليم لأن لما نقول مثلاً العرب لغتهم العربية الفرنسيون تجد أن اللغة موجودة في المصطلح الإنجليزيون الإنجليزي إذاً جينا نقول الطوارق أين لغتهم؟ إذاً لازم.
الهادي الحناشي: لازم نصحح التسمية هي تل تماشق.
النوري الأنصاري (باحث في تاريخ الطوارق): هي التسمية الصحيحة تل تماشق.
الهادي الحناشي: إذاً الشعب..
النوري الأنصاري (باحث في تاريخ الطوارق): الشعب شعب تل تماشق إذاً لازم أيضاً نصحح نأتي كلمة كيف أتت كلمة الطوارق، الطوارق أطلقوها العرب في قديم الزمان في زمن تجارة القوافل بين الضفة الشمالية والجنوبية للصحراء الكبرى، وأيضاً من المناطق التي تأتي من الشرق من مصر إلى مثل تومبكتو إلى مناطق الجنوبية للصحراء الكبرى، فهو الطوارق كان هم الذين يقودون القوافل، والقافلة التجارية المحملة للبضائع سواء من الجنوب أو من الشمال لا تسير إلا في الليل، إذاً هم لا يطرقون لا يمشون إلا في الليل إذاً هم أول من طرق أبواب الصحراء، ويمشون إذن في الليل، وفي آية قرآنية بتقول "والسماء والطارق" على النجم السير النجم أيضاً بالنسبة للطوارق يسيرون في الليل إذاً طوارق يعني يسيرون في الليل لأن القوافل لا تسير في النهار.
الهادي الحناشي: هكذا هي حياتهم إذاً، محك يصنع الطارقي عليه معتاداً على خشونة الحياة وجفافها فعنده ما هو أثمن من التضحية إنها حريته التي لا يقدرها بحطام المدنية، فقد تشتت شملهم وتوزعوا عبر الجغرافيا، ولم تتبقَ لهم غير الصحراء والجمال يشكون لها حالهم، بعيداً عن الأساطير عددهم اليوم نحو 4 ملايين، يوحدهم الانتماء والصحراء وتفرق بينهم الدول والحدود، فمنهم من جنحت به الرحلة إلى ليبيا وبعضهم الآخر في الجزائر وآخرون في مالي والنيجر وبوركينفاسو.
إبراهيم عبد الله (شيخ القبيلة): نتبع الحيوانات في مسارها فهي بدورها تذهب إلى الأماكن التي توجد فيها مراعي، فإذا نحن ننتقل حسب وجود المراعي لكن كانت هناك سنوات جفاف اختفت فيها الأمطار وكانت هناك عواصف ورياح قوية أدت إلى تطاير البذور، البذور التي كانت تحت الرمال والتي كانت ستنبت مراعي فتوقعنا أن تصبح الأرض جرداء خالية من المراعي فجفاف الأرض وخلوها هذا السبب الذي دفعنا للحصول على حيوانات أكثر، ولكن غالباً ما نحصل على القليل منها، كل ما نتمناه هو أن تتوفر مراعي غنية بالأعشاب.
الهادي الحناشي: للطوارق تقدير خاص للمرأة، فهي ذات منزلة قل أن يمنحها لها مجتمع آخر، وهي المحرك والدافع للدفاع عن القبيلة حينما تدق طبول الحرب، ولهم أيضاً فنونهم التي تنطلق من الأسطورة لترتد إليها كل ما جنح الطارقي إلى السكينة، لكن فرسان الصحراء وطراقها لم يتسنَ لهم العيش بسلام في صحرائهم فبين قسوة الصحراء وجور الحكام تتوزع مشكلاتهم وتتعاظم في ظل تناسٍ عربي إسلامي واهتمام دولي غربي، فقط كلمة أخيرة لمن نسي تومبكتو أو تجاهلها هي اليوم تنحني عند منعطف لنهر النيجر شمال مالي، بعدما كان النهر ينحني عليها لسنوات، وهي اليوم تبحث عمن يعيد لها أياماً كان فيها للأدب شراة وفي العلم راغب.

عودة للأعلى

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

أنقذوا "الطوارق" قبل فوات الأوان


شهدت ثورة الطوارق الثانية في التسعينات أكبر قمع دموي، وأكبر تصفية عرقية لهذا الشعب منذ وطئت قدمه الصحراء الكبرى الإفريقية قبل آلاف السنين.

وقد تمت تلك التصفية في ظل تكتم إعلامي على أكبر جريمة إنسانية شهدها السكان العزل.. لم تكن تقل البتة عن مجازر رواندا. هذه الجرائم التي بدأت بقيادة جيش مالي، وبتواطؤ كبير من بعض الجيران، لم يسجلها سوى عدد قليل من الصحفيين.
كما لم يتابعها في الصحافة الناطقة بالعربية إلا نذر يسير. ولم تكن وسائل الإعلام الأخرى (الفضائيات والانترنت) قد دخلا حيز الاستخدام في عالمنا العربي حينها. فذهبت تلك الأحداث الدامية تحت جنح الظلام دون أن يعرف عنها شيئا.
اليوم وفي تاريخ (23 مايو) الجاري أعلن الطوارق ثورتهم مجددا، لأن المطالب التي تم توقيع اتفاقيات السلام عليها لم ينفذ منها شئ، سوى محاولة رشوة قادة الثورة ببعض المناصب الحكومية، وبعض العلاوات، أما الشعب الذي أقيمت الثورة الأولى من أجله، فلم تزده الأيام إلا هلاكا.. شتاتا.
الثورة الجديدة، كنت قد حذرت منها قبل عام تقريبا، في كتابي عن الطوارق (الرجال الزرق)، الذي أردت من خلاله تنبيه الإعلاميين العرب على وجه الخصوص، والمجتمع الدولي، على خطورة ما يدور في تلك المنطقة، لكن حسب تقاليدنا العربية لا يكفي أن نسمع باندلاع ثورة كي نلتفت إليها، ولن تلتفت أعناقنا لأي حدث، قبل أن نطمئن بأنه محط اهتمامي أمريكي أو إسرائيلي، حينها فقط نعرف أن من "البرستيج" ومن اللياقة علينا كوسائل إعلام عربية أن ننظر إلى هذا الحدث حتى لا يعاب علينا النوم. وإذا فنحن كإعلاميين في حل من أمرنا تجاه الطوارق ومأساتهم، إلى حين يأذن لنا الإعلام العربي "القائد" لمسيرتنا الإعلامية.
تابعت بالأمس شتى وسائل الإعلام العالمية أملا في معرفة ما يدور، بعد إعلان الطوارق لثورة جديدة، نتمنى حتى اللحظة أن تبذل حكومات المنطقة جهودها لإخمادها بوفاق يرضاه الجميع.
وباستثاء وكالة الأنباء الفرنسية، وكذا وكالة رويترز فإن أحدا لم ينتبه للخبر الذي لا يعني شيئا لوسائل الإعلام العربية. وعلى استحياء في شريطها الإخباري ذكرت إحدى أهم القنوات الإخبارية العربية أن "متمردين من الطوارق استولوا على قاعدتين عسكريتين". مما يوحي أن مجموعة من الشبان الطائشين استولوا على قاعدتين تافهتين في الشمال.
لكن الواقع أن ثوار الطوارق استولوا على منطقة الشمال كلها ولا زالوا حتى كتابة هذه السطور مسيطرين على 3 قواعد عسكرية تمثل كلها الوجود العسكري للجيش المالي في شمال منطقة الطوارق.
ماذا حدث قبل أكثر من عقد؟ ذات التمرد هو ما حصل، ذات الطريقة المتمثلة في الاستيلاء على قواعد عسكرية هي ما قام به الطوارق. والنتيجة أن الجيش المالي تحرك حينها لقمع "التمرد"، لكنه لم يجد المسلحين الطوارق الذين تخصصوا في حروب الصحارى، حينها اتجهت الدبابات العسكرية في مالي إلى السكان العزل من الطوارق باعتبار أن أبناءهم هم من يقود الثورة، وحينها أنزل أصحاب الكومندوس الماليين جام غضبهم على الشيوخ والنساء في تمبتكو وغاوا وليرا وكل مدن وقرى الشمال. وأبادوا أحياء كاملة، ولم تسجل الأحداث قط مواجهة واحدة بين الجيش المالي وبين الثوار الطوارق الذين يتحاشى الالتحام العسكري معهم.
ذلك هو ما تم في ذلك الوقت بدءا من عام 1991 – 1994 وهي أحداث غاب عنها العالم بأجمعه، وتجاهلها، تحت مبرر قمع التمرد!
مطالب الطوارق التي تم توقيع اتفاقيات السلام من أجلها في التسعينات لم يلب منها شئ، وهي ذاتها المطالب التي رفعا الثوار منذ منتصف فبراير الماضي. وهي اعتبارهم مواطنين وأصحاب حقوق في صحرائهم التي تمثل مساحتها ثلثي دولة مالي التي ورثوها عن الاستعمار الفرنسي، وفوجئت أن خارطة جديدة تضم منحة فرنسية هي عبارة سلطنة العرب والطوارق في إقليم أزواد، والتي فصلها الاستعمار عن بقية السلطنات في المنطة ليتحول الطوارق إلى "أكراد إفريقيا".
الطريف أن الرئيس المالي الحالي "امادو توماني توري" كان رئيسا انتقاليا في ذلك الوقت، وكان رئيس الجيش المالي الذي أباد الطوارق، لكنه الآن يلبس قبعة "الديمقراطية" التي جلبها إلى مالي!
كما أن الرئيس الذي تلاه واستمرت المجازر في عهده، هو الرئيس الحالي للمفوضية الإفريقية "ألفا عمر كوناري" .
ما يحدث الآن أثناء كتابة هذه السطور أن كتائب الجيش المالي بدأت في التحرك لقمع الثورة الغير دموية حتى الآن بالرشاشات والبنادق. وهو ما يوقف الدم في العروق من أن تتوجه تلك الكتائب إذا ما انهزمت أمام الثوار إلى المدن التي قد يتحصن فيها المقاتلين لإبادتها وإبادة السكان كما تم في السابق.
الآن باعتقادي أن الدول المطلة على الصحراء وعلى الخصوص ليبيا فقط من يمكنها لعب دور فاعل للحؤول دون وقوع مجازر ضد الطوارق. ومحاولة البحث عن حلول سياسية وواقعية.
وكذا الدول العربية الأخرى ذات العلاقات الوطيدة مع مالي.. لكن يبقى الدور الإعلامي العربي الذي لا يجيد إلا دور المتلقي في تنبيه العرب إلى مأساة هذا الشعب الذي لا يبحث إلا عن العيش بسلام.

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

تمبكتو.. العاصمة الإسلامية المنسية

يعاني تاريخ الإسلام في القارة الإفريقية من العديد من المشكلات التي تحُول دون التعرُّف على الصفحات الناصعة للإسلام في إفريقيا، فتارةً يتعرَّض التاريخ الإسلامي للتشويه والتحريف، وتارةً يتعرض إلى الطمس والإخفاء، إلا أن مدينة مثل تمبكتو تعطي الدليل القاطع على أن الإسلام مرَّ في إفريقيا تاركًا صفحات بيضاء في التاريخ الإفريقي، رغم كل محاولات التشويه والطمس.

جوهرة إسلامية

وقد جاء تأسيس مدينة تمبكتو في القرن القرن الخامس الهجري (أي القرن الحادي عشر الميلادي) على يد جماعة من الطوارق كانت تُعرف بـ"طوارق مقشرن" وهم مجموعة كانت تعيش في هذه المنطقة بين مدينة يقال لها أروان في إقليم السودان الغربي على بُعد حوالي 450 كيلو مترًا من موقع تمبكتو، فتأسست تلك الجوهرة الإسلامية لكي تكون محطةً للمتنقِّلين في الصحراء؛ حيث ساعدت الطوارق على التنقُّل بين منطقتهم وأروان التي كانوا يرحلون إليها في الخريف، فكانت بالفعل عاصمة الصحراء.

إلا أن البعض يقول إن المدينة أسَّسها ملكٌ يُدعى منا سليمان في العام 610هـ الموافق عام 1213م، بينما يقول البعض الآخر إنها من تأسيس البربر القادمين من الصحراء في العام 580هـ الموافق عام 1087م، وعلى الرغم من أن هناك تواريخ مختلفة إلا أن كلها تسير في إطار زمني متقارب إلى حدٍّ ما.
وكما اختلف المؤرِّخون حول تاريخ تأسيسها فقد اختلفوا حول السبب في تسمية تمبكتو بهذا الاسم، إلا أن الشائع هو أن التسمية جاءت على اسم سيدة عجوز تسمَّى "بكتو" كان الطوارق يتركون لديها حاجاتهم ومعداتهم أثناء الانتقال في الصحراء إلى أروان أو أية منطقة أخرى، وبالتالي حازت المدينة على اسم السيدة العجوز؛ لأنها كانت تقوم بنفس الوظيفة، فكان أن صار اسم المدينة "تين بكتو" أي "مكان بكتو"؛ لأن كلمة "تين" تعني "مكان" في اللغة المحلية التي كانت سائدةً هناك، وبالتالي تحوَّل الاسم من "تين بكتو" إلى "تمبكتو" بعد التقاء النون الساكنة بالباء فأدمجتا وصارتا "تمبكتو".

وكان اختيار موقع المدينة موفقًا؛ حيث تقع قرب مجرى نهر النيجر، فيبعد عنها 16 ميلاً في فصل الشتاء بينما يقترب منها في فصل الصيف فيصل إلى حوالي 7 أميال فقط كما كانت تقع في الوسط بين العديد من المدن الحيوية كأروان وقرى أخرى، مثل كابرا وولاته وكاوا، وهي كلها قرى يقطنها العرق السوداني الذي أسس مدينة تمبكتو التي ما لبثت أن تحوَّلت إلى ملتقى للحضارات، فبدلاً من أن يسكنها ذلك العرق فقط بدأت التوافد عليها من جماعات من سكان الشمال الإفريقي من أهل المغرب، وكان من بينهم أمراء، وبالتالي بدأ التزاوج بين العرقَين وتحوَّلت المدينة إلى مركز إنساني وثقافي واجتماعي بدلاً من أن تكون محطةً للطوارق المتنقِّلين، وهو ما لم يكن مركزًا بسيطًا في حد ذاته، بل كان مركزًا كبيرًا لأنها تحوَّلت بمرور الزمن إلى ملتقى للتجارة بين المناطق الصحراوية بل المناطق الشرقية والغربية الواقعة أعلى الصحراء أيضًا.

وقد اتسمت تمبكتو بالبساطة في أول نشأتها؛ حيث كانت المباني تُبنَى من أعواد الخيزران قبل أن تتطور إلى استخدام الطين في البناء، وهو الأمر الذي كان مناسبًا بعد تطورها إلى أن أصبحت مركزًا تجاريًّا واسعًا في منطقة الصحراء الإفريقية، ويقول في ذلك المؤرخ أحمد بابير الأرواني إن "مقامها من السودان مقام الوجه من الإنسان"، ثم عرفت المدينة نشاط تربية الإبل والأبقار والأغنام والخيل والحمير، فكانت حرفة الرعي أحد أبرز الأنشطة في تلك المدينة؛ مما زاد أيضًا من نشاطها التجاري؛ حيث بدأ سكان المناطق المجاورة في التوافد عليها ليبيعوا ثرواتهم الحيوانية في أسواقها ويشتروا السلع التي يحتاجونها، وكان النحاس الأحمر والحرير والتوابل من أهم المنتجات في تمبكتو، بالإضافة إلى سن الفيل وريش النعام وبخور السودان والصمغ، إلى جانب الذهب والفضة.


مركز علمي

وقد أثَّرت كل تلك العوامل في نفسية أهل المدينة، فتميزوا بالتسامح والقدرة على قبول الآخر والتعامل معه بكل أريحية، بالنظر إلى أنهم تجار يستقبلون يوميًّا الوافدين من كل مكان، كما أسهم أيضًا اختلاط الأعراق في أهالي المدينة إلى إكسابها علاقاتٍ جيدةً مع المناطق المجاورة، فالكل له صلات نسب وقرابة بأهالي تمبكتو، وبالتالي لن يفكر أحد في التعامل معها بعدائية.

وقد أدى هذا الاستقرار الاجتماعي والرخاء الاقتصادي إلى النشاط العلمي والديني تحديدًا، فكان أن بدأ الأهالي في تأسيس المساجد، وكان أول مسجد هو مسجد سيدي يحيى الذي بُني في عهد أحد ملوك طوارق مقشرن قبل أن يحمل اسمه هذا، ثم تعرَّض إلى التدمير بمرور الزمان قبل أن يتم تجديده على يد محمد نضي أحد حكام تمبكتو، الذي أسند الإمامة فيه إلى شيخ يُدعى سيدي يحيى في العام 868هـ والذي حصل منه المسجد على اسمه الحالي، وكان الشيخ أحد أبرز علماء الفقه الإسلامي في تلك المناطق وقد قدم إليها من المغرب.

وإلى جانب ذلك فإن هناك جامع "سنكوري" الذي تبرَّعت إحدى نساء قبيلة سركولو التي كانت تقطن تلك الأنحاء ببنائه، وبالإضافة إلى ذلك فهناك جامع دنفريير، وكان قد بناه في الأصل أحد الأندلسيين لكانكان موسى أحد حكام مالي، وقد أسهمت هذه المساجد في تطوير تلك الحياة الدينية والعلمية؛ حيث كان المسجد يُستخدم مركزًا للتعليم في تلك المناطق، وكان التعليم يَسِيرُ في أكثر من طريق.

ومن بين الطرق التي كان العلم يَسِيرُ فيها تقسيم التعليم إلى ابتدائي وثانوي وعالٍ، إلى جانب علوم القرآن الكريم، وكانت بعض المساجد تحتوي على عدد من مراحل التعليم معًا، فكان فيجلس في جانب من الجامع طلبة القرآن مع تلاميذهم، فيما يجلس في فنائه وقاعاته طلبة التعليم الثانوي والتعليم العالي، إلا أن هذا النمط لم يكن سائدًا في كل المساجد؛ لأن طلبة تعليم القرآن الكريم كانوا يفضلون اختيار أماكن خاصة بهم، وبصفة عامة فقد شاع في تمبكتو- بخاصة في القرن الـ16 الميلادي- نظام الشهادات العلمية وكانت تسمَّى "الإجازات" مثلما كان شائعًا في باقي البلاد الإسلامية، وهو ما يشير إلى ارتفاع مستوى المنظومة التعليمية التي كانت سائدةً في هذه البلاد.

موسى الذهبي!!

ومن أشهر الشخصيات التي عرفتها تمبكتو الحاج منسا موسى، أحد أبرز الأمراء الذين تولوا هذه البلاد، وكان رجلاً سخيَّ اليد، وسجَّل له التاريخ واحدةً من أكثر الحكايات طرافةً، فقد كان موسى في طريقه إلى الحج ذات يوم ولما خرج قاصدًا بيت الله الحرام مرَّ على العديد من العواصم الإسلامية من بينها القاهرة وأنفق طوال الرحلة حوالي 12 طنًا من الذهب؛ الأمر الذي أدى إلى انخفاض قيمة الذهب في المدن التي مرَّ بها!!

وفي دليل آخر على سخائه كان مانسا موسى ينفق على العلم والعلماء بصورة كبيرة إلى الدرجة التي جعلته يقوم ببناء العديد من المساجد الجامعة في تمبكتو، والتي كانت عبارةً عن مساجد ودور علم في الوقت نفسه، كما استقدم إليها العلماءَ والمفكِّرين ورصدَ لهم الأموالَ؛ مما حفَّزهم على الإبداع الفكري؛ الأمر الذي أنتج الكثير من المخطوطات الإسلامية النادرة في مختلف المعارف والعلوم الإسلامية والإنسانية.

منقول

تحياتى للجميع

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

الرئيس الجزائري يستقبل المبعوث الخاص للرئيس المالي

استقبل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة اليوم المبعوث الخاص للرئيس المالي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي مكتار أوان. وقال أوان في تصريح صحافي بعد اللقاء انه حمل رسالة من الرئيس المالي أمادو توماني توري الى نظيره الجزائري تتضمن آخر التطورات الراهنة في منطقة الساحل الافريقي بعد الاشتباكات المسلحة بين الجيش المالي ومتردي الطوارق. وكانت الجزائر قد توسطت بين الطرفين وتمكنت من ابرام اتفاق لوقف اطلاق النار واحلال السلام في المنطقة. (النهاية) ف ت / ر ج كونا191803 جمت ماي 08

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

نص الخطاب الذي وجهه جلالة الملك إلى الأمة بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب


وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مساء اليوم الأربعاء، خطابا ساميا إلى الأمة بمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين لثورة الملك والشعب.

وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي:
"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
شعبي العزيز، نحتفل اليوم، بالذكرى الخامسة والخمسين لثورة الملك والشعب الخالدة باعتبارها ملحمة تاريخية، من أجل استقلال الوطن.
لقد جسدت هذه الثورة، نموذجا لا مثيل له، لتلاحم ملك بشعبه وتعلق شعب بملكه، في كفاح مشترك، من أجل الحرية والكرامة. وبلغت الملحمة أوجها، عندما آثر جدنا المقدس، المغفور له، جلالة الملك محمد الخامس، المنفى السحيق عن الوطن، والإبعاد عن العرش رافضا، بكل صمود وثبات على المبدإ، التفريط في سيادة الأمة، أو المساومة فيها.
وبقدر ما ضحى الملك الراحل ، من أجل حرية الأمة وعزتها، ضحى الشعب المغربي، وفي طليعته الجماهير الشعبية، بكل غال ونفيس فداء لملكه الشرعي إلى أن توج كفاحهما البطولي، بالعودة المظفرة للسلطان، رمز الوحدة والسيادة الوطنية، إلى عرشه، وباستقلال المغرب.
وعلى عظمة هذا الحدث التاريخي، فإن جدنا المقدس، قد اعتبره نهاية الجهاد الأصغر، من أجل إنهاء عهد الحماية، وبداية فجر الجهاد الأكبر، لبناء المغرب الحديث.
وهو ما تفانى رفيقه في الكفاح، والدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، من أجل تحقيقه. وطنا موحدا، ومؤسسات دستورية، وتطورا اقتصاديا واجتماعيا وإشعاعا دوليا.
وقد عاهدناك، منذ تحملنا أمانة قيادتك، على جعل ملحمة20 غشت، ثورة متجددة للملك والشعب، لتحقيق ما نتوخاه لكل المغاربة، من مقومات المواطنة الكاملة، والعيش الكريم.
عمادنا في ذلك، التلاحم الراسخ بين العرش والشعب، واستلهام ما تجسده من قيم التضحية والتضامن.
وما أحوج أجيالنا الصاعدة، لترسيخ تشبعها بهذه القيم، للانخراط القوي، بإرادتها ومؤهلاتها وطموحها، في رفع التحديات الداخلية والخارجية، لمغرب اليوم والغد.
شعبي العزيز، يأتي خطابنا لك هذه السنة، في ظرفية اقتصادية دولية لا مسبوقة، ويتزامن مع فترة مطبوعة بتحمل الأسر المعوزة لمصاريف إضافية ناجمة عن متطلبات شهر رمضان المبارك، ومستلزمات الدخول المدرسي، تلقي بإكراهاتها على القدرة الشرائية للمواطنين.
لذا، ارتأينا أن يكون حديثنا لك اليوم، محطة لتأكيد إرادتنا لتخفيف أعبائها، عن الفئات الأكثر احتياجا، ضمن توجه تضامني، يقوم على دعم البعد الاجتماعي للإصلاحات العميقة، في عدة قطاعات أساسية ذات الصلة المباشرة بالحياة اليومية للمواطن، وذلك تفعيلا للتوجهات، التي تضمنها خطاب العرش الأخير.
ويأتي التعليم في صدارة هذه الإصلاحات، التي نوليها فائق عنايتنا.
وفي هذا الصدد، ارتأينا أن نبادر لإطلاق عملية وطنية، تهدف إلى إعطاء دفعة قوية لتعميم وإلزامية التعليم الأساسي، ضمانا لتكافؤ الفرص، ومحاربة للانقطاع عن الدراسة.
ويتمثل ذلك في منح الكتب والأدوات المدرسية، لمليون طفل محتاج، غايتنا دعم الأسر المعوزة، في مواجهتها لتكاليف الدخول المدرسي المقبل.
وسيعتمد تمويل هذه العملية أساسا، على الاعتمادات المرصودة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فضلا عن مساهمات السلطات والمؤسسات المعنية، والجماعات المحلية، والهيآت والجمعيات ذات المصداقية.
وتأكيدا لعزمنا القوي، على حسن إنجاز البرنامج الاستعجالي لإصلاح النظام التربوي، ندعو الحكومة لإعداد برنامج مضبوط، لإسكان نساء ورجال التعليم، العاملين بالعالم القروي، واعتماد مختلف أنواع الشراكة والتعاقد لإنجازه.
وإننا لنتوخى من ذلك، تمكين أسرة التعليم بالبادية، وخاصة بالمناطق النائية، من ظروف العمل والاستقرار وتحفيزها على القيام بواجبها التربوي.
وبنفس الحزم والعزم، فإننا حريصون على التفعيل الأمثل، لإصلاح وتحديث الفلاحة، وتأهيلها للإنتاجية والتنافسية.
ولهذه الغاية،فإنه يتعين إعطاء رؤية واضحة، لتحفيز وإنجاز الاستثمارات المنتجة.
ومن هذا المنطلق، نوجه الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة، قصد تمديد العمل، بالنظام الجبائي الفلاحي الحالي، إلى نهاية سنة2013 .
وتوخيا للعدالة الجبائية والتضامن، ندعو الجهاز التنفيذي، لبلورة تصور متناسق، لنظام ضريبي ملائم ومتدرج، للقطاع الزراعي، يتم اعتماده والعمل به، ابتداء من القانون المالي لسنة2014 .
وينبغي أن يراعي النظام الجبائي الفلاحي المنشود، الأوضاع الاجتماعية الهشة للفلاحين الصغار، وضرورة التضامن معهم، وذلك بمواصلة دعم الزراعات التقليدية البسيطة، والمعيشية المحدودة .
واستكمالا لمقومات الدعم الاجتماعي، نحث الحكومة على تفعيل الآليات التشريعية والمؤسسية،الهادفة لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، وضبط الأسعار، ومحاربة الرشوة.
ولهذه الغاية، ندعو الجهازين التنفيذي والتشريعي، إلى الإسراع باعتماد مدونة حماية المستهلك.
وبموازاة ذلك، يتعين التطبيق الحازم، لقانون حرية الأسعار والمنافسة، بما في ذلك تفعيل مجلس المنافسة، ضماناً للحكامة الاقتصادية الجيدة.
وفي سياق تخليق الحياة العامة، ينبغي تنصيب الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة.
فالمواطن قد يتفهم أن غلاء المعيشة، رهين بارتفاع الأسعار، في السوق العالمية، لكنه لا يقبل أن يكون فريسة لجشع المضاربين، وشبكة الوسطاء، أو ضحية لعدم قيام السلطات المسؤولة، بواجبها كاملا، في الضبط والمراقبة والزجر.
فحرية السوق، لا تعنى الفوضى والنهب.
لذا يتعين على الجميع، التحلي باليقظة والحزم، للضرب بقوة القانون، وسلطة القضاء المستقل، وآليات المراقبة والمحاسبة، على أيدي المتلاعبين والمفسدين.
لاسيما عندما يتعلق الأمر بقوت الشعب، والمضاربات في الأسعار، واستغلال اقتصاد الريع، والامتيازات الزبونية،أو نهب المال العام، بالاختلاس والارتشاء، واستغلال النفوذ والغش الضريبي.
شعبي العزيز، مهما كانت نجاعة تدبير الإكراهات الظرفية، فإنه لا ينبغي اعتبارها بديلا عن مضاعفة الجهود، لتفعيل السياسات العمومية، والمبادرات الخاصة، والأعمال الجمعوية، الهادفة للنهوض بالأوضاع الاجتماعية.
إن توجهاتنا الكبرى، وبرامجنا التنموية، تتوخى تعبئة الجميع، للانخراط القوي في ابتكار وإنجاز البرامج،الهادفة لتحسين المعيش اليومي للمواطن،وخلق الثروات، المدرة لفرص العمل لشبابنا.
كما أنها تسائل كافة القوى المنتجة، وفي مقدمتها، القطاع البنكي، فقد أصبح من الضروري الانكباب على بلورة آليات متطورة، من شأنها تحفيزه على تجسيد انخراطه، بصورة أكثر نجاعة، في المجهود الوطني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وسيظل شغلنا الشاغل تأهيل شبابنا الطموح والواعد، للإسهام، بقيادتنا الحازمة، في إنجاز نمو قوي للاقتصاد، وتنمية متوازنة للمجتمع، لا مجال فيها للإقصاء والتهميش وتحقيق طموحنا لتوفير أسباب العيش الحر الكريم لكل مواطنينا، ضمن مغرب الوحدة والتقدم، والتنمية والتضامن.
وفي ذلك خير وفاء للأرواح الطاهرة لقادة وشهداء ثورة20 غشت، وفي طليعتهم، جدنا ووالدنا المنعمان، أكرم الله مثواهما، وألهمنا السداد في الحفاظ على روح ملحمتها الخالدة : ثورة للملك دفاعا عن الشعب، وثورة للشعب ولاء للملك.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

mercredi 20 août 2008

عيد مبارك سعيد


السلام على من تمجد بعظمة الملوك الاجلاء. السلام على من ولي علينا فراعى مفاهيم الامامة العظمى .السلام على
من كتب بلغة النصر والمجد تاريخ حافل بالانجازات
. و المكارم. السلام على سليل البيت النبوي
من فخر المواطنين المخلصين . ومن احساس نابع بحب الرعية لراعيهم. ومن ملامح العدل الذى وصفتم به يا مولاي .ومن تاريخ شاهد كاتب بطولاتكم .ومن صنع فى سياسة أبدعت وتعالت نحو الاحترام الجدي و الوتيق لخصوصية بلدنا، ومن رغبة فى انفتاح على عالم مليء بالتطورات والمستجدات .هي قرارات صنعت بحنكتك التى امتاز بها بلدنا على طول فتراته التاريخية .وهي ميزة من مميزات العهد المحمدي الدى رسمتموه بمفاهيم بالغة الاهمية . وبدلالات ما سبقكم غيركم فى تجسيدها بسلوكات واقعية مرئية مسموعة. تضىء بها عهدك و تمضى بها نحو معالم القوة و الشموخ . انه من حق المغاربة اليوم أن يفخروا بالعطاء الالهي الذي خصهم بك . ومن حقهم أن يرفعوا رؤوسهم لما لهم من قيادة متبصرة بمختلف همومهم ومشاكلهم . واليوم هانحن مغاربة متطورون منفتحون على معالم مستجدات العصرعيد مبارك سعيد يا مولاي

مولاي أدام الله عزكم وكل عام وأنتم في رعاية الله عز

وجل أرجو الله العلي القدير في هذا اليوم المبارك أن

يجعلكم من السابقين للجنة آمين يارب العالمين

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

الرحلة في أعماق الصحراء الكبرى

بينما كانت الشمس ترسل أشعتها الأرجوانية، لاسعة بصمت الرجال الزرق والرمال الحمراء في الصحراء الكبرى، استقبلنا الطوارق معرفين إيانا بتقاليدهم من خلال لوحات متنوعة ومتتابعة، فهم الذين يتلفعون مغطين رؤوسهم حاجبين نصف وجوههم فلا تظهر سوى العين. يمتطون ظهور الجمال جماعات، ويسخرون الحمير لنقل أمتعتهم، وينتقلون سيراً على الأقدام في معظم الأحيان. احتفالات الأعراس لديهم تستمر سبعة أيام، يمكث فيها العروسان داخل خيمة، ولا يبرحها أحدهم إلا للضرورة وتقتضي عادة الطوارق أن يغادر العريس خيمته بعد سبع ليال يقضيها مع عروسه، ولا يعود إلا ضيفاً على زوجته خلال العام الأول، وبعد ذلك يلتئم شملهما. وتمتد فترة الخطوبة مدة طويلة قد تصل إلى خمس سنوات، وغالباً، يكون المهر إبلاً أو ماعزاً، يتراوح بين اثنتين إلى ستة.وتحتل المرأة لدى الطورق مكانة كبرى فلا يتم شأن ذو أهمية إلا بموافقتها، وفي معظم الأحيان تعمل النساء ويميل الرجال إلى الراحة. ويخضع الطوارق لنظام قبلي يفرز قياداته من النبلاء، ويكون الزعيم هو أمين العقّال، ويدعى: “أمينوكال”، ويجب أن يكون من النبلاء من جهة الأم. وتقرأ في وجوه الطوارق آثار التاريخ التي تدل على طبقية اجتماعية أبقت السكان السود أسفل السلم الاجتماعي وهم يعملون في البساتين، اما في الأعلى فهناك السادة ذوو التقاطيع الدقيقة المنشغلون بقضايا العلم والدين.

ويسترعى الانتباه في كل مدن الجزائر كثرة مدارس تعليم القرآن، فالحضور الديني مستمر ولا يُضاهيه حضور آخر. ذلك أن العمق التاريخي لهذا التقليد يستمد جذوره منذ بدايات الاستعمار الفرنسي، ويبدو أن الجزائريين وجدوا في عروبتهم وإسلامهم متراساً للصمود أمام الاستعمار. ولذلك تجد الزوايا في كل مكان، وفيها مكتبات متواضعة، إلا أنها تحتوي على مخطوطات قيمة ووثائق خاصة، فلا تمر بمدينة أو قرية نائية إلا وفيها زاوية “سيدي بلقاسم” أو “سيدي بوعبدالله”.

كان يرافقنا في تلك الرحلة في أعماق الصحراء الكبرى متخصص في الجيولوجيا، يدعي “كيرزبي”. وشاهدنا بصحبته رسوماً عجيبة للانسان البدائي نحتت على صخور “جانيت” وهي تشبه إلى حد كبير رسوم الأطفال في العصر الحالي. وكان أجدادنا الأوائل يعتقدون بفائدة تلك الرسوم في جلب الأمطار وقدرتها على درء الأخطار.

دي لاكروا: لو�ة نسوة من الجزائر

دي لاكروا : لوحة نسوة من الجزائر

كان يقود السيارة سائق يدعى “أوهندا” وكان كالملاح في قيادته، فالكثبان الرملية والتعرجات في الصحراء لا تنتهي. وأذكر أن كريزبي أفادنا بأن سبب تسمية الطوارق تعود إلى أنهم تركوا بلادهم الأصلية ولذلك سُموا بـ “التوارك” وحُرِّفت الكلمة - للتسهيل - إلى “الطوارق”. وأشار أيضاً إلى أن سبب تغطية الوجوه يعود إلى مواجهة حربية في قديم الزمان، حيث أراد الطوارق أن يتخفوا وأن يبدوا للأعداء في أشكال النساء لخداعهم. واستمرت تلك العادة لصيقة بهم. ولدى تناولنا وليمة العشاء مع الطوارق في قلب الصحراء، وكان عبارة عن أربعة جمال صغيرة مشوية ويسمونها “جعود” وهي بالفعل قعود وكأنها ولدت جالسة لنأكلها. جاءت إلينا النسوة من الطوارق وجلسن إلى جوارنا موزعين أنفسهن على الضيوف لتجاذب الحديث بود وأدب، وعرفنا أن ذلك من عاداتهن، بينما كان الرجال يصبّون الشاي الأخضر ويقدمون الرقصات والأهازيج الشعبية التي تعبر عن الحرب والفروسية. وإذا غاب أحد أفراد الطوارق عن عشيرته نحو ستة أشهر فإن ذلك لا يثير القلق أو دواعي الاضطراب. فربما يكون في طريقه إلى أحد الأعمام أو الأخوال في تشاد أو مالي. وإذا تجاوز غيابه تلك المدة فإن القبائل تبدأ في البحث عنه، فهو قد يكون مفقوداً في متاهة الصحراء.

71.jpg

مع الطوارق: وليمة عشاء في قلب الصحراء

وتبدو مناظر الصحراء للوهلة الأولى رتيبة ومتكررة، وربما مملة في بعض الأحيان، غير أنك لدى تعودك النظر إليها تكشف لك عن تنوعاتها. فهذا بحر من الرمال وأمواجه المتحركة تمارس عليك لعبة الخداع بثباتها، وتلك مملوءة بالحجارة الصغيرة، وهذه فيها بعض الصخور المتوحشة والحصى الملساء. وهكذا تتنوع الطبيعة وتتشكل. فرياح رملية تبدو بلون الدقيق الأبيض، وأخرى كدقيق أحمر ولا تكاد في بعض الأحيان تتبين سوى معالم ذاتك ووجه امرأة جميل يتمايل وسط أمواج الصحراء، والرياح تصدح بسيمفونية الطبيعة بينما الشمس تنحدر خلف الكثبان الرملية في خجل، والسيارة تنهب الصحراء وسط الصمت في منطقة هي أفقر بقاع الأرض خضرة، وقد لا تجدها إلا عند الوادي، ومن الطائرة تستطيع أن ترى بسهولة مجرى نهر جف إلى الأبد، وبحراً من الرمال كان في الأزمان الغابرة يعج بالكائنات البحرية، هنا تشاهد الماضي السحيق للطبيعة وكيف تبدل. ولم يتبق إلا أن ترهف السمع إلى صمت الحياة فيه. وبدلاً من أن تسبح فيه الأسماك، تجده مملوءاً بأسماك الصحراء من سحال وأفاع.

رأينا خلال تجوالنا امرأة تنسج على نول، والزمن أبيض لا يتحرك، وأخرى تشكل الطين على هيئة أوان فخارية بدائية، وثالثة تدق الريح والتمر، وسيدة من خارج الحياة تشكل حلياً من الفضة، والذاكرة الحية لحضارة موغلة في القدم. وخلال تجوالنا في “جانيت” كانت كنزة تلتقط لنا الصور هنا وهناك، وكأنها تقتنص الزمن وتجمده لثوانٍ، ولا يتمالك من ينظر إليها إلا أن يبلع ريقه ويبتعد قليلاً من الحياة، وغادرناها محملين بعبق التاريخ وأشباح تتمايل من حولنا لا قبر لها، وتركنا الجميع في سجن سقفه السماء وحدوده صحراء كجملةٍ لا تنتهي

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

من هم الطوارق وما هي مشكلاتهم

مع إطلالة أوائل التسعينيات من القرن الماضي، اندلعت حركة تمرد في صفوف قبائل الطوارق الرحل الماليين، فبادرت الحكومة إلى إرسال قواتها المسلحة إلى شمال البلاد بهدف سحق تمردهم.

ويطالب الطوارق بحقوق على ملكية الأراضي، إضافة إلى الاعتراف بحقوقهم الثقافية واللغوية.

ورغم ما تشهده مالي من حركة تمرد في صفوف الطوارق، غير أنها تظل تنعم بالسلام نسبيا عند مقارنتها بجارتها النيجر حيث يستهدف المتمردون الشركات الأجنبية العاملة في مجال التعدين.

إذ شكل متمردو الطوارق في النيجر حركة جديدة أطلقوا عليها اسم "حركة النيجر من أجل العدالة".

وكانت التوترات مقتصرة على المنطقة التي يعيش فيها الطوارق في النيجر غير أنها امتدت إلى دولة مالي المجاورة حيث اختطف متمردو الطوارق هناك عشرات الجنود الحكوميين في المناطق النائية من شمال مالي.

ورغم أن متمردي الطوارق في النيجر ومالي يقولون إنهم لا يسعون لتحقيق أي نفوذ سياسي، غير أن اتساع نطاق التمرد في منطقة الساحل الأفريقي يمثل عائقا حقيقيا ومتناميا أمام تحقيق الاستقرار في المنطقة.

من هم الطوارق؟
الطوارق هم قبائل رحل ينحدرون من أصول بربرية في منطقة شمال أفريقيا.

وقد استوطن الطوارق لمئات السنين منطقة الساحل حيث تجوب قوافلهم التجارية منطقة الصحراء الكبرى بهدف الاتجار في التمور والعطور والتوابل والعبيد.

وعادة ما تصل درجة الحرارة في منطقة الصحراء الكبرى خلال فصل الصيف إلى 50 درجة مئوية بينما تهب عواصف تسمى "الهارمتان" خلال فصل الشتاء فيعلو غبار كثيف الأفق مما يؤدي إلى حجب أشعة الشمس لأيام.

وبعد رحيل الاستعمار الفرنسي من منطقة غرب أفريقيا ورسم حدود جديدة في المنطقة، وجد الطوارق أنفسهم مشتتين بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، وليبيا والجزائر إلى الشمال.

يتحدث الطوارق لغة مشتركة تُسمى اللغة الطرقية، ولهم ديانة واحدة إذ اعتنقوا الإسلام منذ القرن السادس عشر الميلادي.

ويُعرف الطوارق باسم رجال الصحراء الزرق وذلك بسبب ملابسهم ذات اللون النيلي وعمائمهم التي يستخدمونها أيضا لتغطية أفواههم.

ويحرص الطوارق على احتساء الشاي بصفته عادة اجتماعية لها طقوسها الخاصة بها إذ يتناولون كؤوس الشاي في مجموعات ثلاث ثلاث ويكون الشاي محلى بطعم النعناع.

ما هي تظلمات الطوارق؟
رغم صعوبة تقييم مستوى الدعم الذي يحظى به المتمردون بين مختلف مكونات شعب الطوارق، فإن طبيعة المظالم التي يطالبون برفعها عنهم تظل عموما هي نفسها.

وكان الاستعمار الفرنسي قد نجح في إخضاع أجداد الطوارق الحاليين إلى نظام حكمه، غير أن طوارق اليوم في دولتي مالي والنيجر يشتكون من ضعف تمثيلهم في المؤسسات الحكومية وقوات الجيش في البلدين الذين يسيطر عليهما أفارقة ذوو بشرة داكنة ينحدرون من جنوب منطقة الساحل.

ويقول الطوارق إنهم يعانون التهميش والفقر المدقع بعد أن فشلت الحكومات المتعاقبة في تحسين أوضاعهم المعيشية.

لكن ازدهار صناعة اليورانيوم في شمال النيجر أدى إلى إذكاء مطالب الطوارق إذ يقولون إن الصناعات التعدينية أضرت بأراضيهم الرعوية الخصبة بينما لم ينلهم أي نصيب من عوائد اليورانيوم.

ما الذي قام به المتمردون؟
أدت معاهدات السلام التي وقع عليها الطوارق في مالي و النيجر في أوائل التسعينيات من القرن الماضي إلى إخماد تمردهم المفتوح إذ ساد هدوء نسبي المنطقة على مدى عقد من الزمن.

غير أنه بحلول شهر فبراير/شباط من السنة الجارية، أشهر طوارق النيجر، بعد شعورهم على ما يبدو بالإحباط من اتساع نطاق التفاوت الاجتماعي والاقتصادي بينهم، أسلحتهم في وجه الحكومة النيجرية إذ أسسوا "حركة النيجر من أجل العدالة".

وخلفت الهجمات التي شنها مقاتلو الحركة على منشآت حكومية في منطقة جنوب الصحراء الكبرى سقوط عشرات القتلى في صفوف الجنود النيجريين.

كما شهدت دولة مالي المجاورة تصعيدا من قبل الطوارق الذين أخذوا أعدادا كبيرة من الناس رهائن خلال هذه السنة للضغط على الحكومة المالية.

وذكرت أنباء أن عقيدا في الجيش المالي انضم إلى المتمردين.

ما الذي تقوم به حكومتا النيجر ومالي؟
على المستوى الدبلوماسي، بذلت الحكومتان النيجرية والمالية مساعي جديدة من أجل تحقيق المصالحة الوطنية.

وفي هذا الإطار، عقدت الحكومة المالية مفاوضات مع حركة "التحالف الديمقراطي" التي تمثل مجموعة من الطوارق المعارضين في العاصمة الجزائرية خلال أوائل هذه السنة.

ومن جهة أخرى، ناشدت الحكومة النيجرية الزعيم معمر القذافي التوسط بينها وبين "حركة النيجر من أجل العدالة" بهدف التوصل إلى اتفاق سلام.

كما عقد وزيرا الأمن في كل من النيجر ومالي مباحثات بهدف تنسيق الجهود الميدانية للتصدي لتمرد الطوارق.

وفي هذا الصدد، اتفق الجانبان على تسيير دوريات مشتركة على طول حدودهما بهدف السماح لقواتهما بتعقب المتمردين.

ما تأثير هذا التمرد على السكان المدنيين؟
رغم أن الحياة تستمر كعادتها في عاصمتي البلدين: باماكو ونيامي، فإن وكالات الإغاثة تقول إن سكان المناطق النائية يعانون بشكل متزايد بسبب عرقلة طرق الإمدادات في منطقة الصحراء الكبرى.

ومن جهة أخرى، أدت الفيضانات الأخيرة إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص عن مساكنهم في النيجر لوحدها.

وتتزايد المخاوف من مغبة الاستمرار في تحويل الموارد المخصصة للمشكلات الحالية مثل السكن ومكافحة الملاريا وصرفها في مجالات أ

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

من هم الطوارق

يعتقد أن الطوارق هم أقدم سكان الصحراء الكبرى، وقد اضطروا إلى التكيف مع التغييرات المناخية التي شهدها كوكب الأرض قبل عشرة آلاف سنة، عندما توقف هطول الأمطار على أكبر غابة مطيرة على وجه الأرض، بينما تحولت قارة أوروبا من قارة شديدة البرودة، إلى مكان قارة أكثر دفئا.
ولا يزال في تقاليد الطوارق بعض أوجه المجتمع الأمومي، الذي يسبق مرحلة الزراعة ورعي الحيوانات، والذي ارتبط بمرحلة التقاط الثمار من الغابات، وحتى الآن لا تنتقل السلطة من زعيم الطوارق إلى ابنه، وإنما إلى أكبر أبناء شقيقته، ويعتقد أن كلمة الطوارق اشتقت من اسم واد في جنوب ليبيا يسمى "تاركة"، وإن اختلف الباحثون حول ذلك، ولكن الثابت أنهم فضلوا العيش في الصحراء الكبرى والتكيف مع أقسى الظروف المناخية على كوكب الأرض، وتحول الجمل وخاصة النوع السريع "المهاري" إلى أكثر الحيوانات أهمية في حياتهم.
يتحدث الطوارق لغة أقرب إلى اللغة الأمازيغية، ويستخدمون أبجدية تعرف ب"التيفيناغ"، وينقسمون إلى عدة ممالك يحكمها سلاطين، وفي ذروة مجدهم تمكنوا من بناء إمبراطورية صحراوية تمتد من مدينة غدامس في ليبيا إلى تمبكتو في مالي، ونظرا لاختلاطهم بالعرب والأفارقة، اكتسب الطوارق الكثير من العادات والتقاليد من الطرفين، ومارسوا التجارة مع الطرفين، ولكنهم في نهاية الأمر تحولوا إلى ضحية لتقاسم الاستعمار لإفريقيا، فشتتهم بين مجموعة من الدول.
يقدر عدد الطوارق بأكثر من 3.5 مليون نسمة، يعيش حوالي 85 % منهم في مالي والنيجر، أما الباقي فيعيشون في ليبيا والجزائر، ويصل بعضهم إلى بوركينا فاسو، وظلوا سادة الصحراء الكبرى ولغزها الأكبر، إذ نظر إليهم الأوروبيون بكثير من الدهشة، في محاولة لإماطة اللثام عن شعب مبهم، وخاصة وأن رجالهم يستخدمون اللثام الأزرق، حتى أطلق عليهم لقب "الرجال الزرق"، وخاصة أنهم منعوا الرحالة الأوروبيين من التوغل في الصحراء الكبرى، وقتلوا معظمهم.
تحول الطوارق إلى الإسلام في القرن السادس عشر، وقبل ذلك كانوا يعبدون أسلافهم، ولهم العديد من الأساطير التي يمكن اعتبارها المؤسس للأساطير التي ظهرت على ضفاف النيل، وفي بلاد الرافدين، مثل أسطورة "تانس ووانس"، التي تشبه إلى حد كبير أسطورة "ايزيس وأزوريس"، وأيضا أسطورة "تموز وعشتار" البابلية، ونجد في روايات إبراهيم الكوني الكثير من هذه الأساطير، التي حاولت في فترة مبكرة تفسير الكون بشكل طفولي.
وينقسم الطوارق إلى بدو وحضر، وخاصة في ليبيا، حيث بنى طوارق غدامس واحدة من أجمل وأكثر المدن غرابة، والتي اعتبرتها اليونيسكو جزء من التراث العالمي، وفي هذه المدينة يتم الفصل بين الرجال والنساء بطريقة حازمة، حيث تسير النساء في الشوارع العلوية، بينما يسير الرجال في الشوارع السفلية، ولا يلتقون إلا في البيوت، التي تدخلها النساء من أعلى، والرجال من أسفل، أما الطوارق الذين يعيشون في غات فهم أقرب إلى البدو، حيث كانوا يقيمون في الخيام، ويظعنون في أعماق الصحراء، وللنساء حرية أكبر في هذا المجتمع، الذي ينقسم إلى ست طبقات، هم السادة الذين يحتكرون السلطة، رجال الدين والمعلمون، المقاتلون، الصناع، الأرقاء المحررون، وأخيرا العبيد.

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

زعيم طوارق النيجر: يعلن إلقاء السلاح




قال زعيم متمردي طوارق النيجر أغالي أج ألامبو ان مقاتليه وافقوا على إلقاء السلاح اعتبارا من الاثنين مؤكدا أنهم اتفقوا مع نظرائهم طوارق مالي على قبول وساطة الزعيم الليبي معمر القذافي.

وكان متمردو الطوارق في كل من النيجر ومالي لجأوا إلى العمل المسلح ضد حكومتي البلدين العام الماضي.

وأكد ألامبو في تصريحات نقلها التلفزيون الحكومي في النيجر أنه يتحدث أيضا نيابة عن إبراهيم باهانغا زعيم طوارق مالي.

جاء التصريح عقب محادثات أجرها ألامبو الأحد مع القذافي جنوبي ليبيا.

ويقود ألامبو ما يسمى بحركة النيجر من أجل العدالة التي تطالب بحكم ذاتي موسع في إقليم "أقاديز" شمالي النيجر حيث ينتج لليورانيوم.

ويطالب ألامبو بتخصيص نحو 30 % من عائدات اليورانيوم للطوارق، وشنت الحركة هذا العام عدة هجمات مسلحة استهدفت القوات الحكومية خاصة في مدينة مدينة تزيرزاتي.

واستطاع المتمردون أسر العشرات من جنود الجيش خلال أكثر من سنة في هجمات متفرقة لم يستطع طرف حسمها لصالحه وقتل خلالها ما لا يقل عن 200 من المتمردين وسبعين من القوات الحكومية. وتعتبر حكومة النيجر الحركة من أجل العدالة مجموعة من اللصوص ومهربي الأسلحة و رفضت إجراء مفاوضات معهم قبل القائهم السلاح.

ويشتكي الطوارق في دولتي مالي والنيجر من ضعف تمثيلهم في المؤسسات الحكومية وقوات الجيش في البلدين، ويقول الطوارق إنهم يعانون التهميش والفقر المدقع بعد أن فشلت الحكومات المتعاقبة في تحسين أوضاعهم المعيشية.

لكن ازدهار عمليات استخراج اليورانيوم في شمال النيجر أدى إلى إذكاء مطالب الطوارق إذ يقولون إن الصناعات التعدينية أضرت بأراضيهم الرعوية الخصبة بينما لم ينلهم أي نصيب من عوائد اليورانيوم.

وأدت معاهدات السلام التي وقع عليها الطوارق في مالي و النيجر في أوائل التسعينيات من القرن الماضي إلى إخماد تمردهم المفتوح إذ ساد هدوء نسبي المنطقة على مدى عقد من الزمن.

غير أنه بحلول شهر فبراير/شباط عام 2007 عاد الطوارق للسلاح مرة أخرى بتأسيس الحركة من أجل العدالة ، و شهدت مالي تصعيدا من قبل الطوارق الذين أخذوا أعدادا كبيرة من الناس رهائن للضغط على الحكومة المالية.

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

ابراهيم بهانجا: زعيم الحركة المسلحة لقبائل الطوارق

نادرا ما يتحدث ابراهيم بهانجا زعيم الحركة المسلحة لقبائل الطوارق الى الصحافة، ولهذا لم يكن قبوله دعوتنا امرا يسيرا، بل تخلله بعض التأجيلات. موقفه هذا ينم عن انضباط عسكري للرجل، وعندما قبل في نهاية المطاف فضل ان يكون الحديث بلغة الأجداد وهي اللغة الطارقية.

الطوارق
رجال الطوارق لديهم عادات وتقاليد ة

كان الأمر صعبا بالنسبة لنا، واستقر بنا الحال الى الاستعانة بمترجم ولكن بلسان فرنسي. واكتشفنا فور البدء في الحديث معنا، انه يوجه رسالة الى الرأي العام الدولي عن وجود شعب له هويته وتراثه، ويطالب بالعيش والحياة مثل باقي شعوب المعمورة.

ومن هذه النقطة كان سؤالنا عن حال الطوارق والأوضاع في منطقة شمال مالي. في جوابه كان حريصا على انه يحمل هموم وقضية شعب، وهي في نظره متشعبة بفعل محاولات اطراف اقليمية ودولية ربطها بمصالح سياسية، ولكنه حاول تلخيصها بقوله انها "عنصرية مفضوحة، واقصاء من السلطات دولة مالي منذ استقلال البلاد في العام 1962".

واضاف "ان دولتي مالي والنيجر لاتريدان لنا مكانا على ارضنا، ونحن نسعى لأن يجد شعبنا كرامته وأمنه حتى وان تطلب الأمر تضحيات جسام".

انطلاقا من هذا استفسرنا ابراهيم باهانجا عن الاجتماع الذي جمع الأجنحة المختلفة لما يسمى بالتحالف الديمو قراطي من اجل التغيير الذي يرأسه ايضا الى جانب الحركة المسلحة رد بالقول: ان التحالف الد يموقراطي يطالب بتغيير عميق في منطقة الشمال من أرض مالي لاستعادة الأمن والسلم.

ويتهم السلطات المالية بانها "لاتريد لنا ان نكون جزءا من الشعب المالي، وأنها تسعى الى فصلنا واجتثاثنا من ارضنا، بينما نحن لانطالب سوى بالتعايش بأمان ومع الجميع".

الموقف على الارض

وبخصوص الوضع العسكري الذي تفجر منذ صيف العام الماضي، سألنا باهانجا عما يحدث على الأرض مع الجيش المالي، رد بهد وء: الوضع العسكري خطير جدا، والخروج من هذه الأزمة كما يقول يستدعي تخفيف الوجود العسكري المالي في المنطقة، وأن يترك السكان المدنيين العيش في أمان ،وهذا سيسمح برأيه بفتح آفاق للتفاوض من جديد، ولعل هذا هو المقترح الذي يؤدي الى اعادة الأمن والاستقرار الى منطقة شمال مالي.

واضاف "ان مقاتلي الطوارق تمكنوا من اسر اكثر من تسعين عسكريا من مختلف الرتب، ودفع هذا الجيش المالي الى الانتقام من المدنيين الطوارق في الخيام.

ونسأله: من خلال معلومات لدينا يبدو انكم لاتواجهون الخطر المالي فقط بل هناك خطر التنظيمات الارهابية، فما صحة هذه المعلومات؟.

لم يتردد وأجاب على الفور "حدثت مواجهات بين عناصرنا وعناصر من تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، وطاردنا هؤلاء السلفيين حتى بلدة تومبوكتو في النيجر، ومنعناهم من التمركز، ونفرض مراقبة كاملة على مناطقنا".

الشيء المهم في هذا، كما يقول، هو "أن السلطات المالية تستعمل عناصر السلفية لقتالنا، حيث تسمح لهم بالتحرك ضدنا، وغرضهم كما يقول هو محاربة الطوارق بل ان هذا يدخل في مشروع مشبوه لتحطيم الطوارق واسقاط مطالبهم".

وعن وجود علاقة بين الطوارق وبين التنظيمات الارهابية النشطة في شمال مالي، قال بهانجا "هذه مزاعم سلطات بماكو التي تريد الصاق التهمة لعلاقة الطوارق بالقاعدة ، ونحن نؤكد هنا أن الطوارق لا ولن تكون لهم أدنى العلاقات مع القاعدة ولا مع شبكات ارهابية اخرى كالجماعة السلفية للدعوة والقتال ، وهذا كما قلت من صنيع النظام المالي"

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

التاريخ


كلمة المحرر
التاريخ هو مفكرة لأحداث الماضي التي نستفيد منها في حاضرنا ونتزود منها لمستقبلنا وهو مرآة للأمم ترى فيه صورتها على ما كانت عليه في كل طور من أطوار حياتها و ميزاناً توزن به أعمال الرجال في هيئتها الإجتماعية لتبقى عبر الأجيال

أنقر علي عنوان المقالة لكي تقرأها...

 

blogger templates | Make Money Online