mercredi 20 août 2008

من هم الطوارق

يعتقد أن الطوارق هم أقدم سكان الصحراء الكبرى، وقد اضطروا إلى التكيف مع التغييرات المناخية التي شهدها كوكب الأرض قبل عشرة آلاف سنة، عندما توقف هطول الأمطار على أكبر غابة مطيرة على وجه الأرض، بينما تحولت قارة أوروبا من قارة شديدة البرودة، إلى مكان قارة أكثر دفئا.
ولا يزال في تقاليد الطوارق بعض أوجه المجتمع الأمومي، الذي يسبق مرحلة الزراعة ورعي الحيوانات، والذي ارتبط بمرحلة التقاط الثمار من الغابات، وحتى الآن لا تنتقل السلطة من زعيم الطوارق إلى ابنه، وإنما إلى أكبر أبناء شقيقته، ويعتقد أن كلمة الطوارق اشتقت من اسم واد في جنوب ليبيا يسمى "تاركة"، وإن اختلف الباحثون حول ذلك، ولكن الثابت أنهم فضلوا العيش في الصحراء الكبرى والتكيف مع أقسى الظروف المناخية على كوكب الأرض، وتحول الجمل وخاصة النوع السريع "المهاري" إلى أكثر الحيوانات أهمية في حياتهم.
يتحدث الطوارق لغة أقرب إلى اللغة الأمازيغية، ويستخدمون أبجدية تعرف ب"التيفيناغ"، وينقسمون إلى عدة ممالك يحكمها سلاطين، وفي ذروة مجدهم تمكنوا من بناء إمبراطورية صحراوية تمتد من مدينة غدامس في ليبيا إلى تمبكتو في مالي، ونظرا لاختلاطهم بالعرب والأفارقة، اكتسب الطوارق الكثير من العادات والتقاليد من الطرفين، ومارسوا التجارة مع الطرفين، ولكنهم في نهاية الأمر تحولوا إلى ضحية لتقاسم الاستعمار لإفريقيا، فشتتهم بين مجموعة من الدول.
يقدر عدد الطوارق بأكثر من 3.5 مليون نسمة، يعيش حوالي 85 % منهم في مالي والنيجر، أما الباقي فيعيشون في ليبيا والجزائر، ويصل بعضهم إلى بوركينا فاسو، وظلوا سادة الصحراء الكبرى ولغزها الأكبر، إذ نظر إليهم الأوروبيون بكثير من الدهشة، في محاولة لإماطة اللثام عن شعب مبهم، وخاصة وأن رجالهم يستخدمون اللثام الأزرق، حتى أطلق عليهم لقب "الرجال الزرق"، وخاصة أنهم منعوا الرحالة الأوروبيين من التوغل في الصحراء الكبرى، وقتلوا معظمهم.
تحول الطوارق إلى الإسلام في القرن السادس عشر، وقبل ذلك كانوا يعبدون أسلافهم، ولهم العديد من الأساطير التي يمكن اعتبارها المؤسس للأساطير التي ظهرت على ضفاف النيل، وفي بلاد الرافدين، مثل أسطورة "تانس ووانس"، التي تشبه إلى حد كبير أسطورة "ايزيس وأزوريس"، وأيضا أسطورة "تموز وعشتار" البابلية، ونجد في روايات إبراهيم الكوني الكثير من هذه الأساطير، التي حاولت في فترة مبكرة تفسير الكون بشكل طفولي.
وينقسم الطوارق إلى بدو وحضر، وخاصة في ليبيا، حيث بنى طوارق غدامس واحدة من أجمل وأكثر المدن غرابة، والتي اعتبرتها اليونيسكو جزء من التراث العالمي، وفي هذه المدينة يتم الفصل بين الرجال والنساء بطريقة حازمة، حيث تسير النساء في الشوارع العلوية، بينما يسير الرجال في الشوارع السفلية، ولا يلتقون إلا في البيوت، التي تدخلها النساء من أعلى، والرجال من أسفل، أما الطوارق الذين يعيشون في غات فهم أقرب إلى البدو، حيث كانوا يقيمون في الخيام، ويظعنون في أعماق الصحراء، وللنساء حرية أكبر في هذا المجتمع، الذي ينقسم إلى ست طبقات، هم السادة الذين يحتكرون السلطة، رجال الدين والمعلمون، المقاتلون، الصناع، الأرقاء المحررون، وأخيرا العبيد.

 

blogger templates | Make Money Online