أصبحت النيجر منذ أشهر مسرحاً للقتال المسلح بين الشعب البدوي المتمرد (الطوارق) وبين الجيش الحكومي. ولم تسلم الجارة مالي أيضا من النار. وقد عبرت منظمة دول غرب أفريقيا هذا الأسبوع عن قلقها بشأن هذا الصراع.
يقي محمد آخ هاما عينيه من أشعة الشمس الغاربة، يجلس على بساط من القصب، يضع وسادة خلف ظهره ويسرح ساقيه. تـُقبل ماشيته عائدة من المرعى، تمضغ بقايا التبن. يصدر آخ هاما أصواتا تجاه ماشيته، ينادي ويغني لأبقاره. ويقدم له ابنه صحنا من لبن الجمال. إنها الحياة الجميلة على مشارف الصحراء، في قرية مالي تن تلوت، التي تبعد 100 كيلومتر عن المدينة التاريخية تيمبوكتو.
نتحدث عن التمرد الجديد في الصحراء الكبرى. ما هو سبب العنف في شمال النيجر وشمال مالي؟ نزاع عرقي، ماض مجيد لم ينس، أم التهريب؟ أم قمع من طرف الحكومات السوداء في الجنوب ضد ذوي البشرة الفاتحة في الشمال؟ لا أحد يعلم السبب. يقول آخ هاما وهو من الطوارق، " لم أعد أرغب في أن أكون طائراً، في تحليق مستمر." هكذا يصف حركات التمرد الكثيرة لشعبه منذ استقلال النيجر في العام 1960، "نحتاج للراحة الآن و لبناء علاقات طيبة مع الجيران".
إهمال وتخلف
تعود حركة المقاومة الطوارقية الأولى في شمال أفريقيا إلى العام 1963، أول مقاومة بعد استقلال الدول الإفريقية الصحراوية. وانطلقت ثاني حركة مقاومة في العام 1990، ودامت إلى العام 1996. شهد العام الماضي انطلاق حركة المقاومة الثالثة، وهذا العام بدأ التمرد للمرة الرابعة. في معاهدات السلام بعد الحرب في التسعينيات، تم الاتفاق في مالي والنيجر باستثمار المزيد من أموال التنمية في المنطقة السكنية الشمالية للطوارق، وتوظيف المزيد منهم وإلحاقهم بالجيش، وبناء الطرق والمدارس.
ومع ذلك فقد ظل الشمال دون مستوى التنمية، تماما كمناطق أخرى في مالي والنيجر، "بالرغم من التنازلات لصالح الطوارق، لم ينفع أي حل سياسي لإنهاء صراع الخمسين سنة الماضية"، كما يصرح الصحفي والمطلع على شؤون المنطقة رماتا ديور في العاصمة المالية باماكو، مضيفا: "وليس هناك حل عسكري كذلك".
القتال على أشده في النيجر، مما جعل البلد كله في حالة اضطراب. أعلنت حكومة الرئيس مامادو تاندجا النيجيرية في شهر أغسطس الماضي حالة استنفار في الشمال، واعتقلت ثلاثة صحفيين مرموقين، لأنهم عملوا مقابللات مع الطوارق. ولا يوصل الإعلام الخاضع للرقابة الحكومية الصورة كاملة، كما إن السكان يخشون التعبير بحرية عن آرائهم.
مفاوضات سرية
يرفض الرئيس النيجيري تاندجا في العلن أي تفاوض مع المتمردين، ولكن الأنباء تشير إلى حدوث مفاوضات سرية في ليبيا. وفي مالي، يبدي الرئيس أمادو تونامي توري بعض المرونة، فهو يصف التمرد بأنه "لا داعي له"، ولكن يحاول أن يدخل في مفاوضات، وقد طلب من الجزائر أن تتوسط لهذا الغرض.
ترتبط مجموعات المتمردين في مالي والنيجر ببعضها، ويتزعمها على التوالي إبراهيم آخ باهانغا في منطقة كيدال بالقرب من الحدود الجزائرية، وأغالي ألامبو شمال أغاديز النيجرية باتجاه ليبيا. تتوفر المجموعات المتمردة على أسلحة جيدة، غالبا أفضل من تلك التي يمتلكها الجيش الحكومي. في الستينيات، قاتل الطوارق من أجل أزاواد، دولتهم الخاصة للبدو. لقد تنازلوا الآن عن هذا المطلب. من باريس، يقول سيدو كاوسن ميغا، المتحدث باسم الحركة النيجرية من أجل العدالة: "نريد الحكم الذاتي، نريد أن ندير أمورنا بأنفسنا". يرفض ميغا أي حجة مضادة مثل الحديث عن قلة الدعم لحركتة في المنطقة "قد لا يصرح الطوارق بدعمهم لنا، فهم لا يجرؤون على ذلك. ما نريده هو حياة أفضل. في أغاديز يعيش الطوارق في فقر مدقع في حين أن المنطقة تقدم ثروة كبيرة للحكومة".
تدور تكهنات لدى الماليين والنيجر حول ما إذا كان استخراج المواد الأولية هو السبب في التمرد: اليورانيوم في شمال النيجر، والنفط في شمال مالي. ولم يحقق اليورانيوم الذي بدأ استخراجه منذ أربعين عاما، أي تنمية للسكان الشماليين.
ولا تكاد الحدود هنا تعني شيئا. تهريب مختلف مواد التغذية أمر عادي للغاية. أما اندلاع الحرب في ليبيريا، سيراليون وساحل العاج، فقد نتج عنه في الخمس عشرة سنة الماضية نقل أسلحة وفيرة عبر الصحراء، من الشمال إلى الجنوب، وفي الاتجاه المعاكس. يتم تهريب الكوكائين من بلدان مثل غينيا وغينيا بيساو إلى موريتانيا وليبيا، لتصل في ما بعد إلى أوروبا. ومن يسيطرعلى هذه الطريق – الجنود الحكوميون المرتشون، أو المتمردون- فهو يربح مالا كثيرا.
dimanche 24 août 2008
الطوارق يزعزعون الصحراء الكبرى
Publié par منظمة شباب الطوارق من اجل العدالة والتنمية
Libellés : AZAWAD LIBRE