قررت الأمم المتحدة عدم تجديد مهام الهولندي بيتر فان والسوم مبعوثا شخصيا للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء المغربية. |
وقالت المتحدثة إن الأمين العام للأمم المتحدة "يبقى مستعدا لبذل مساعيه الحميدة بين الأطراف، في الوقت الذي تستعد لخوض جولة خامسة من المفاوضات هذا الخريف"، وأن بان كي مون "مقتنع تماما بأن هناك حاجة لإعطاء دينامية جديدة لمسلسل المفاوضات، بهدف التوصل إلى حل سلمي". وكان مجلس الأمن أكد في قراره الأخير أنه "يتعين على الأطراف أن تبرهن على التحلي بالواقعية وروح التوافق للحفاظ على زخم مسلسل المفاوضات"، داعيا الأطراف إلى "الاستمرار في التحلي بالإرادة السياسية، والعمل في إطار مناخ ملائم للحوار بهدف الانخراط في مفاوضات معمقة". وبينما سعت الأطراف الرافضة والمعرقلة (على عادتها القديمة) لبلورة حل سياسي للنزاع المفتعل، إلى تقديم انتهاء مهام والسوم كنقطة لصالحها، اعتبر المغرب أن ملف الصحراء بات اليوم على المسار الصحيح، كما عبر عن ذلك وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، الذي أكد، في رد حول الموضوع، خلال لقاء مع الصحافة، بعد مجلس الحكومة، أول أمس الخميس، أن "المغرب له كامل الثقة بأن ملف الصحراء يوجد اليوم على المسار الصحيح، مسار الجدية والموضوعية". واستبعد الوزير " الرجوع إلى السنوات العقيمة، التي ميزت هذا الملف"، مبرزا "المواقف الرصينة، التي عبر عنها مجلس الأمن والعديد من الدول، التي تتبنى مقاربات تتميز بالجدية والموضوعية بخصوص مختلف جوانب الملف". ويستند الموقف المغربي المتفائل إلى معطيات ملموسة، تسندها التطورات الحاصلة على مدى السنوات الأخيرة، على خلفية الترحيب والدعم الدوليين للمقترح المغربي، القاضي بمنح أقاليمه الجنوبية حكما ذاتيا، يتجاوب مع مبدأ تقرير المصير، ويوفر لسكان المنطقة الإطار الملائم لتدبير شؤونهم المحلية بطريقة ديموقراطية، ويحفظ، في الوقت نفسه، للمغرب حقه المشروع والقانوني في السيادة على أقاليمه الجنوبية ضمن وحدته الترابية. وأمام هذا التطور، وبعد أربع جولات من مفاوضات منهاست، فإن مصير العملية ومسارها لا يتوقف على شخص الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، بعد أن أخرجت المبادرة المغربية قضية الصحراء من حالة الجمود ومن النفق الطويل، وجاءت قرارات مجلس الأمن الدولي مثمنة لموقف المغرب في اتجاه تسوية سياسية مقبولة من كل الأطراف، بما يؤدي عمليا إلى تطبيق مبدأ تقرير المصير، الذي ظل الخصوم يختفون وراءه، والذي ثبتت استحالة الوصول إليه بالطريقة التقليدية عبر الاستفتاء، كما أقرت بذلك الأمم المتحدة، وأكده بيتر فان والسوم نفسه، عندما كتب، في أبريل الماضي، أنه "لا يتصور أي حل آخر خارج عن إطار السيادة والوحدة الترابية للمغرب"، وجدد والسوم هذه القناعة في صحيفة "إل بايس" الإسبانية، أول أمس الخميس، معتبرا أن "المخرج" الوحيد الممكن من الأزمة هو في أن تتمكن البوليساريو من التفكير "في حل مفترض، غير الاستقلال الكامل، يطرح للتفاوض" على أساس الاقتراح المغربي. هذا الموقف الموضوعي والشجاع هو، بالذات، ما أثار غضب الأطراف الأخرى، وغذى هجومها على والسوم، بعد أن شهدت، مرة أخرى، أطروحتها الانفصالية وهي تتهاوى. لقد تعزز موقف المغرب بالدعم الدولي الواسع لمشروع الحكم الذاتي، وهو العامل الذي ترجم في قرارات مجلس الأمن الدولي. فقد اعتبرت كل الدول الوازنة على الساحة الدولية، وذات الصلة بالنزاع، من خلال حكوماتها وأجهزتها التشريعية، الطرح المغربي بمثابة خطوة كبيرة إلى الأمام، تجسد حلا عمليا وواقعيا، ودعت الأطراف الأخرى إلى التجاوب مع المبادرة المغربية، والتعامل مع مشروع الحكم الذاتي بجدية وإيجابية. إن الموقف المغربي يستمد قوته، في المقام الأول، من مشروعية القضية، من أجل استكمال الوحدة الترابية، استنادا إلى الحق التاريخي وحقائق الواقع الراهن. كما تبلورت هذه القوة أكثر في طريقة صياغة مشروع الحكم الذاتي، من خلال إشراك كل القوى السياسية في المغرب كله، والفعاليات القبلية في الصحراء، في بلورة المشروع كحل يحفظ للمغرب سيادته ووحدته، ويمكّن سكان الصحراء من تدبير شؤونهم بحرية، ويحقق المصالحة بين الصحراويين في الأقاليم الجنوبية وإخوانهم المنفيين قسرا في مخيمات تندوف. على هذه الخلفية السياسية والتاريخية، ومن منطلق التمسك بالحق والقانون، مع اعتماد أكبر قدر ممكن من المرونة، حرص المغرب، وهو يخوض مسيرة الوحدة والديموقراطية والتنمية والمصالحة، على منح الطرف الآخر فرصة تاريخية لتصفية النزاع، من خلال الحل السياسي، كما يبلوره مشروع الحكم الذاتي للصحراء، بعيدا عن منطق الغالب والمغلوب، بما يفتح آفاقا جديدة للتعاون والتكامل الاقتصادي، ضمن سياسة حسن الجوار والاحترام المتبادل وتنمية المصالح المشتركة. |