vendredi 29 mars 2013

أمازيغ ليبيا خطوة الى الامام وخطوتين الى الوراء وخاتمي السحري

أكلي شكا- بريطانيا 
من ضمن الانجازات العظيمة التي حققتها الثورة الليبية على الاقل للانسان الامازيغي هي انها كسرت جميع الحواجز وحطمت
القلاع التي شيدها المقبور ما بين امازيغ الشمال وامازيغ تينيري على مدي الاربعين سنة الماضية. بالرغم ان الامازيغ لم يستغلوا هذه الفرصة احسن استغلال بعد, بحكم وجود جهات من الدولة الجديدة ومن الامازيغ انفسهم التي لا ترغب لهذه السفينة ان تعبر الى بر السلام الا ان التاريخ يشهد لاول مرة بتواصل فعلي حقيقي بين الاشقاء ولو كان هذا الاتصال يشهد مراحله المبكرة.

زوارة, والخاتم السحري…
لقد عمل القذافي واجهزته المخابراتية منذ البداية في خلق ثغرات واحيانا سعى الى تأجيج صحوات بين اهل الجنوب واهل الشمال, ومارس عليهم اسوأ انواع التفرقة بشتى انواع التنكيل والتصغير, ببساطة لانه كان يرى فيهم خطرا وهاجسا دماريا لكل تطلعاته القومجية الساخرة وقد نجح الى حد كبير في ضخ دماء الفرقة في جسم 'توماست' المتهالك تماما مثلما فعلت القوى الاستعمارية الفرنسية التي قسمت اراضي الطوارقي عام 1963 بين اكثر من سبع دول.
الى يوم قريب جدا كان النافوسي والزواري لا تربطه اي صلة بأخوه التارقي في غدامس واوباري او غات, والعكس صحيح, وما بالك بألاطراف الصحراوية البعيدة جغرافيا.
أتذكر اول مرة بدأت فيها دراستي الجامعية في مدينة زوارة عام 2002 حيث لم تكن لدى حينها ادنى فكرة بوجود الامازيغ في اي مكان اخر في ليبيا, الاستخلاص الخاطئ الذي وقع فيه معظم امازيغ تينيري ضحية قبل سقوط طرابلس يوم 27 اغسطس 2011.
فالفضل كل الفضل يعود الى خاتمي السحري الذي امرت احد حدادي التوارق المهرة في مدينة سبها ان ينقش عليه حرف "ازا" قبل ذلك بسنتين ولم اكن حينها ان هذا الخاتم سيكون فيما بعد المفتاح السحري الذي ساهم في فتح باب المعارف والعلاقات في الجامعة والمدينة برمتها, ناهيك عن اسمي الغريب الذي حفظته الجامعة على ظهر قلبها ابتداء من عميدها وانتهاء بطلابها وسرعان ما صرت بفترة قصيرة: توم كروز على الاقل المستوى الحرم الجامعي! حيث اصبح الجميع ينادني بحسب ما جادت عليه ملكاته اللغوية, صار البعض مثلا يناديني بأكلا, ألكي, موكلي…الخ. اتذكر احد اساتذتي المصريين كلما دخل الى قاعة المحاضرات يقول بصوت مرتفع :اكلي فين قاصدا غذائه! ولكي يرسم الابتسامة على وجوه طلابه!
امازيغ الشمال وامازيغ تينيري قبل وبعد الثورة…
لقد اقتصر الاتصال بين الاشقاء قبل الثورة عن طريق انتحارين من النشطاء ونخبة من المناضلون الاوفياء امثال سعيد محروق سيفاو الذي ضحى بحياته فداء لهذه القضية العادلة. ولقد اختلفت الظروف والوسائل تماما بعد سقوط الصنم الاستبدادي بفضل الغزو الامازيغي الجماعي للمواقع الاجتماعية كالفيسبوك والتويتر وبفضل بروز القنوات الفضائية التي لم يعهدها المجتمع الليبي من قبل, مما ساعد في ظهور حراك امازيغي وطني رهيب طال كافة الاصعدة. حيث تم انشاء الاف من الصفحات الامازيغية على الفيسبوك وتم تأسيس مئات من الجمعيات والمنظمات الثقافية على طول البلاد وعرضه المتعشطة اصلا للعودة الى هويتها وثقافتها الاصلية بعد غياب واغتراب عن موطنها الاصلي دهورا نتيجة للسياسات الانظمة العروبية الشوفينية التي اجبرت الناشط الامازيغي بأن يلتزم الصمت قرونا.
لقد عاش الانسان الامازيغي في ليبيا على مدى 42 سنة الماضية في حالة رعب وصراع نفسي الذي نال منه جميع الليبيون نصيبهم, الا ان الانسان الامازيغي كان دائما الاقرب الى الهزيان والغليان الموقوت القابل للانفجار في اي لحظة وكان دائما في حالة عصيان و تمرد منذ الليلة السوداء من صيف عام 1969 التي استولى فيها القذافي على السطلة في انقلاب عسكري غادر.
منذ تلك الليلة السوداء من تاريخ ليبيا الحديث حتى سقوط الديكتاتور ذهب مئات من المناضلين الامازيغ الذين كسروا جدار الخوف ضحايا واختفى العشرات ممن تحدى بأقلامهم وصدورهم لجبروت وقوة نظام الطاغية. هولاء الابطال هم من كونوا نواة الوعي الاولى للاجيال القادمة وهولاء هم فعلا من احترق وقودا لثورة عارمة قضت اخيرا على اعتى واحقر الانظمة الديكاتورية في القرن الواحد والعشرين.
الخيارات الحالية والمستقبلة…
لقد غني المغنون وزغردت العجائز على طول البلاد وعرضها, وجفت حناجر الثوار والسياسيون ايام الثورة الليبية بذكر اسم الامازيغ مدحا وفخرا حتى امتزجت دماء الثوار من اقصى الشرق الى اقصى الغرب, ومن سريا اويا (طرابلس) شمالا الى قلاع غات جنوبا. كانت تلك الحناجر يومها تهتف بصوت واحد: الحرية, الحرية… ولاشيئ اخر غير الحرية!! وبعد اعلان تحرير طرابلس بوقت قصير, سرعان ما حصل ما لم يكن في الحسبان. لقد عادت حاليمة لعادتها القديمة! لقد عاد التجاهل والقمع بحلته الجديدة, عادت الوعود بالتصفية الجسدية, عادت تهم العمالة للغرب وعاد الخطر على الاسلام والعرب. نفس الاساليب والنعوت التي كان معمرالقاذفي يصف بها قادة الحركة الامازيغية. للاسف الشديد واقولها بحرقة ليس هناك اليوم ما يحي بوجود الامازيغ في ليبيا بالرغم كل تلك التضحيات الجسام التي قدمها الامازيغ فالنتيجة كالتالي:
اللغة الرسمية : العربية والانجليزية, كذلك كانت في عهد المقبور
جواز السفر: لا يوجد فيه اشارة ذكر لتيفيناغ وكذلك في زمن المقبور
العملة: بالعربية والانجليزية وكذلك عملة المقبور
الطوابع البريدية : لا تشير لاي وجود للامازيغ في ليبيا
كل قادة الحركة الامازيغية اليوم في قوائم التصفية واخيرها البيان الصادر في حقي انا وحق زميلي فتحي بن خليفة وكذلك في عهد المرحوم لا لشيئ فقط لاننا قلنا لا لظلم لا لتهميش , نعم للانصاف نعم للمساواة بين الرجل والمرأة, نعم لدولة دستورية تحمي كل مواطنيها بغض النظر عن انتماءهم العرقي او الديني كما كنا ندعو منذ نعومة اظافيرنا.
قبائل بني هلال وبني سليم يتوعدون في بيان رسمي كل من تسول له نفسه ان يتخذ اللغة الامازيغية لغة له بالويل والفناء. كما كانوا يفعلون على قناة القنفود ايام الطاغية.
اذا ما لذي تغير؟ العلم والنشيد…
الخيار الوحيد الذي امام الامازيغ اليوم هو تجاوز كافة خلافاتهم الشخصية, القبلية, الجهوية وطوي صفحة الماضي والانضواء تحت لواء مجلس اعلى يضم كل المناطق الامازيغية لمواجهة هذه التيارات الجاهلية بطرق سلمية حضارية!
نيوكاسل استكولاند, المملكة المتحدة,27.03.2013

 

blogger templates | Make Money Online