هنا بداية البوست هنا بقية البوست حاما أق محمود* تعتبر الجزائر صحراء ازواد ملكا تاريخيا لها، ولما رأت الطوارق يقومون بثورات انفصالية متكررة مطالبين باستقلال إقليم ازواد عن مالي ،شمرت عن ساعديها لإعاقة ذلك التوجه ومنعه بشتى السبل الخفية وغير الخفية خوفا من الطوارق، وطمعا فى ثروات صحرائهم الثرية التي أمست السيطرة عليها هدفا استراتيجيا للقوى العالمية الكبرى . وانتهجت في سبيل السيطرة على الإقليم شتى الوسائل منها إرسال جواسيس متخفين بزي القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي؛ لخلط الأوراق، وصرف الازواديين عن هدفهم، واتفقت مع مالى على ذلك . وتم الاتفاق بينهما على أن يمتزج عملاء الجزائر بسكان أزواد بدون إثارة أي مشاكل باسم القاعده على أن تزودهم مالي بكل احتياجاتهم، وبدون أن تمنعهم من مشاغبة عدو خارجي يتمثل غالبا في خطف السياح … وبذلك تجد مالي غطاءا لإبادة الطوارق، إضافة لاستدرار المعونات والمساعدات من الغرب بحجة محاربة التطرف والإرهاب، وقامت الجزائر بالتنسيق بين عملائها وبين بعض الازواديين الذين أنشأوا ما يسمى بأنصار الدين و التوحيد والجهاد بالإضافة للعديد من عصابات تجار المخدرات. وقبل أن تسميهم الجزائر بتلك المسميات قاموا بكثير من العمليات داخل مالي، ولم تحرك باماكو ساكنا تجاه كل ذلك مبررة صماتها بعدم القدرة على محاربتهم !!!، وقد كانوا آنذاك قليلي العدد والعدة، إلا أن الحقيقة التي يعلمها كل العارفين ببواطن الأمور هي أن حكومة مالي مرتبطة بعهود ومواثيق تمنعها من التعرض لهم. وفي الثورة الاخيرة قامت الجزائر بدعم تلك الطوائف تحت اسم أنصار الدين بقيادة عبدالودود في الجزائر , وإياد أق غالي في مالي؛ ليتم القضاء على الهدف الطوارقي المتمثل في الاستقلال بالإقليم. وقامت أيضا بتشجيع مقاتلي الحركة الوطنيه لتحرير ازواد على الانتقال لأنصار الدين عن طريق إغرائهم بالأعطيات، إضافة لإقناعهم بمشروعية مطالبهم، وتكذيب شبهة الإرهاب الملازمة للجماعة وطمأنتهم من عدم استهدافهم من القوات الغربية، واستخدمت الجزائر جمعياتها وهيئاتها الإنسانية كغطاء لتقديم الدعم السياسي والعسكري واللوجستي لعملائها من أنصارالدين وغيرهم، وسعت لفرضهم كمفاوضين أساسيين وممثلين عن المنطقة في كل المؤتمرات المعنية بأزواد، كما حدث في النيجر او بوركينا فاسو إلى أن ورطتهم في علاقات مشبوهة مع دول بعيدة عن فسيفساء المنطقة وتداخلاتها. ولتضمن الجزائر السيطرة على كل الفاعلين في قضية ازواد، حاولت اختراق الحركة الوطنية لتحرير ازواد، وفعلا تمكنت من ذلك بعد أن نجحت بفرض أسماء معينة معروفة بولائها لقائد أنصار الدين إياد أق غالي . وتعتبر الجزائر إقليم ازواد امتدادا طبيعيا لها ،وتعلم باستحالة ضمه التام لأراضيها، وفي نفس الوقت تعتبر انفصال ازواد خطا أحمرا لايمكن أن تقبل به إذ تضع في الحسبان الامتداد الاثني للمكونات الازوادية في أراضيها الجنوبية الأمر الذي يعرض وحدتها للخطر. وتحسبا لموافقة العالم على الحكم الذاتي للأزواد عملت الجزائر على تمكين أذرعها للوصول للمقاعد المهمة في الحركة الوطنية، كمقعد الأمين العام ، وقيادة الأركان وتركت بقية المناصب الشكلية غير الفاعلة لشرفاء ازواد. وبكل تلك التدابير تمكنت الجزائر من إحكام قبضتها على القضية الأزوادية، ولم تترك خيارا للقادمين من كتائب العقيد القذافي، والمنشقين من جيش بامكو وحكومته أي خيار سوى الانضمام لقائمة عملائها مع عطايا مجزية، أو محاربة أجندتها بعد أن أحسنت تحصينها عن طريق لعبها بكل الأوراق الديني منها والقبلي والاثني، وضمنت بذلك السيطرة على الإقليم وموارده الحيوية المتوقعة والتي تسيل لعاب كل المتنفذين في المنطقة بدءا منها وانتهاءا بفرنسا. وختاما بقي أن نشير إلى أخطر الخطط التي انتهجتها الجارة الشمالية لتمييع القضية واذابتها، وهي قيامها بمنع الازواديين من الإقامة كلاجئين فيها، وقامت عوضا عن ذلك بتجنيسهم خصوصا القادمين من مناطق جاوا وكيدال . وهكذا وقع آزواد وأهله بين مطرقة ظلم ذوي القربى وسندان من يتربص بهم الدوائر. -مقال مترجم *وزير سابق, ورئيس العلاقات الخارجية للحركة الوطنية لتحرير ازواد سابقا