يرتبط اسم «الحسن» في المغرب بالجد الأول للأسرة العلوية الحاكمة، أي الحسن الداخل الذي جاء إلى هذه البلاد قادما من ينبع التي تعتبر اليوم الميناء الرسمي للمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية. ومن المغرب انطلق الحسن الداخل إلى الأندلس مجاهدا في سبيل إعلاء كلمة الله. ومنذ قيام الدولة العلوية، قبل أزيد من ثلاثة قرون، تعاقب على حكمها ملكان عظيمان حملا اسم «الحسن» هما الحسن الأول ابن السلطان محمد الرابع، والحسن الثاني ابن الملك محمد الخامس. وها هو القصر الملكي في الرباط يزف للشعب المغربي بشرى ميلاد الأمير مولاي الحسن ابن الملك محمد السادس
الحسن الأول: عرشه كان على صهوة جواده
* عرف في حياته باسم السلطان مولاي الحسن، ولم يطلق عليه اسم الحسن الأول حتى تولى حفيده الحسن الثاني الحكم. حكم المغرب على امتداد 21 سنة، وكان واحدا من سلاطين الأسرة العلوية العظام. ويقول المؤرخ المغربي الدكتور عبد الهادي التازي إن الحسن الأول تكون في منطقة سوس الأمازيغية الجنوبية، حيث أسند إليه والده ولايتها وهو ولي للعهد. ويضيف أن الحسن الأول «كان فلتة من فلتات التاريخ»، وأن كل الباحثين والمؤرخين تحدثوا عنه بـ«حديث عطر لذكائه ورؤيته السياسية ودهائه الدبلوماسي».
وتولى الحسن الأول الحكم يوم 11 سبتمبر (ايلول) .1873 واستطاع أن يجاهد على عدة جبهات، فمن جهة واجه المطامع الاستعمارية الأوروبية، التي اتضحت جليا منذ عام 1880 مع مؤتمر مدريد، وتجسدت في زحف القوات الفرنسية، التي كانت تحتل الجزائر، للهيمنة على مناطق من الصحراء الشرقية.
وعلى الصعيد الداخلي واجه الحسن الأول فلول العملاء والحركات التي كان الاستعمار يغذيها تمهيدا لتحقيق أهدافه، وجعل المغرب يحافظ على استقلاله في زمن المد الاستعماري الذي كان يكتسح أجزاء كبيرة من القارة الأفريقية. كما جاهد لبناء المغرب العصري. وعلى الرغم من أن عاصمة البلاد كانت آنذاك في مدينة فاس، فقد اشتهر الحسن الأول بأنه السلطان الذي كان عرشه على صهوة جواده، لكثرة تنقلاته بين أرجاء البلاد. حتى أنه توفي عام 1894 وهو في طريق عودته من رحلة إلى المنطقة الشمالية الشرقية.
الحسن الثاني: باني السدود وموحد البلاد
اختار الملك الراحل محمد الخامس لابنه البكر اسم مولاي الحسن تيمنا بجده الحسن الأول. فجاء، كما تمنى والده، واحدا من أعظم ملوك الدولة العلوية، وأخلدهم أثرا. كما كان من أطولهم عمرا في سدة الحكم حيث قضى 37 سنة على رأس الدولة المغربية.
اشتهر الملك الحسن الثاني بمجموعة من الألقاب من بينها «موحد البلاد»، حيث استرجع الأقاليم الصحراوية التي كانت خاضعة للحماية الإسبانية، إلى الوطن الأم، من خلال تنظيم المسيرة الخضراء السلمية. كما عرف باسم الملك الباني لقيامه بإرساء دعائم الدولة المغربية الحديثة. ففي عهده أصبح للمغرب دستور وبرلمان ومجالس بلدية. كما رسخ مبدأ التعددية الحزبية والنقابية.
ومن الألقاب التي كان يعتز بها لقب «باني السدود» لاهتمامه المبكر بأهمية الماء وتخطيط سياسة بناء السدود الكبرى التي تجاوزت المائة سد. وهو المجهود الذي اعترف له به المجتمع الدولي بتبنيه لـ«جائزة الحسن الثاني الكبرى للماء». وفي عهد الحسن الثاني تم تعميم التعليم وتعريبه، كما تم إحداث عشرات المؤسسات الجامعية في أهم الاختصاصات الفكرية والعلمية في مختلف أرجاء البلاد، ووسع الملك الراحل دائرة الإشعاع المغربي، فرعى مجموعة من مؤتمرات القمة العربية والإسلامية، وكان من المدافعين عن الوحدة الإفريقية. كما كانت له مكانة خاصة على الصعيد العالمي جسدها العدد الضخم من قادة الدول الذين رافقوا جنازته إلى مثواه الأخير صيف .1999