العديد من أسر الطوارق اتخذت حظائر الأبقار مسكناً لها (الجزيرة نت
رغم صدور عدة توجيهات من الرئيس الليبي معمر القذافي وأجهزة الدولة تشجع على عودة الطوارق إلى وطنهم الأم ليبيا، فإن العديد منهم يواجهون مشاكل كثيرة نتيجة عدم حصولهم على الجنسية الليبية والوثائق الرسمية مما يحرم أبناءهم من التعليم، ويعرضهم للطرد المستمر من المؤسسات التعليمية، والجيش والأعمال المختلفة، ويحرمهم كذلك من السكن الصحي، بحسب شخصيات من الطوارق.
ويؤكد عبد الصمد موقفي الطاهر العائد من النيجر قبل 27 عاماً أنه سجل في السجل المدني في مدينة أوباري جنوب ليبيا عام 1985 إلا أنه لا يزال حتى اليوم دون وثيقة رسمية مثل كتيب العائلة أو جواز السفر.
ويضيف الطاهر، في حديث للجزيرة نت، أنه عند مراجعة الجهات الرسمية يبلغونهم أن أوضاعهم لم تتم تسويتها بعد، مشيراً إلى أن هذا الأمر يترتب عليه التشرد، لأنهم لا يملكون حقوق الليبيين ولا الأجانب، على حد تعبيره.
ويخشى الطاهر على مستقبل أطفاله تحت هذه الظروف بعد تشديد الإجراءات من جانب المؤسسات التعليمية بضرورة إحضار الوثائق الرسمية لإكمال مراحل التعليم، مؤكداً أن هذا الأمر أدى إلى توقف عشرات الأطفال عن الدراسة بعد وصولهم إلى المراحل الثانوية والجامعية.
العديد من أسر الطوارق اتخذت حظائر الأبقار مسكناً لها (الجزيرة نت)حظائر الأبقار
بدوره يشير أحمد الطيب أبه إلى ما تعرض له أفراد قبيلته بعد انتهاء مشروع لتربية الأبقار عملوا فيه عشرات الأعوام ثم أعلن إفلاسه، مما أدى إلى الاستغناء عن خدماتهم، وتهديدهم بالطرد من حظائر الأبقار التي تتخذها نحو 82 عائلة مسكناً لها ولأطفالها.
ويضيف أبه، في حديث للجزيرة نت، "نبقى عدة أيام متواصلة دون ماء أو كهرباء، وأوضاعنا صعبة وسيئة، والدولة لم تكلف لجنة بالتفتيش عن أوضاعنا".
كما قال مسؤول رابطة الطوارق بمدينة بنغازي أبو صلاح الداوي، إن أغلب أبناء عمومته يحملون "بطاقات تمييز" صادرة عن الجهات الرسمية تتيح لهم التنقل داخل الجماهيرية الليبية، إلا أن مباحث الجوازات أصدرت مؤخراً، حسب الداوي، تعليمات حجز وسجن كل من يحمل هذه البطاقات ومعاملته معاملة الأجنبي.
وكشف الداوي، في تصريح للجزيرة نت، أن عدداً من أفراد قبيلته تعرض قبل أيام للضرب والإهانة على أيدي رجال الشرطة، ورغم أنهم تقدموا بشكوى رسمية فإنهم لم يتلقوا رداً حول الموضوع، وأكد كذلك أن عدداً آخر أوقف مدة 45 يوماً دون محاكمة نتيجة عدم حملهم البطاقات الشخصية.
رأي آخر
من جهة أخرى نفى أحمد محمد سيدي المولود في منطقة كدال شمال مالي عام 1957 وجود تمييز، مؤكداً أن البطاقات التي يحملونها تسمح لهم بدخول الأراضي الليبية والتجول فيها.
كما يؤكد يحيى شماسة من منطقة مكنوسة أن أغلب الطوارق في بلدته لا يعانون من المشاكل السابقة، مضيفاً أنهم يعيشون في بيوت صحية ولديهم وثائق رسمية من الدولة.
بينما يشير محمد عيسى، من مدينة أوباري، إلى أن المشاكل المذكورة تواجه الطوارق الدخلاء من النيجر ومالي.
وتختلف الروايات حول أعداد الطوارق في ليبيا، حيث يشير الشيخ عبد السلام، أحد أعيان الطوارق، إلى أن أعداد الطوارق الليبيين يصل إلى 250 ألف نسمة، ويشكلون أكبر نسبة بين قبائل الطوارق في دول النيجر ومالي والجزائر والمغرب وتونس والسودان.
بينما يرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة قاريونس، لوجلي الزوي، أن عددهم حالياً يتراوح بين 28 و30 ألف نسمة، مشيراً إلى أن عددهم كان نحو سبعة آلاف نسمة عام 1958 من مجموع الطوارق في شمال أفريقيا البالغ عددهم 700 ألف نسمة، وأنهم يتضاعفون كل ربع قرن استناداً إلى منظري علم السكان.
وبحسب الزوي فإن العائلات الطوارقية تعتبر متسللة إلى البلاد بطرق غير شرعية ما لم تحضر الوثائق التي تؤكد استضافتها من ليبيا.
يشار إلى أن جهات حكومية ومسؤولين ليبيين على صلة بالقضية، رفضوا الإدلاء بأي تصريحات للجزيرة نت حول هذا الموضوع.